قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنّ واشنطن غير متفائلة كثيراً بشأن استعداد إيران للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني رغم استئناف المفاوضات في فيينا، لكنه يعتقد أنه "لم يفت الأوان بعد".
وأضاف، في تصريحات للصحافيين في السويد، حيث يحضر اجتماعات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أنه ناقش مسألة إيران في اجتماعين مع نظيريه الروسي والإسرائيلي، اليوم الخميس، وفق ما أوردته "فرانس برس".
وقال، في ردّ على مطلب إسرائيل وقف المفاوضات فوراً: "يجب أن أقول لكم إنّ الإجراءات والتصريحات الأخيرة لا تدفعنا إلى التفاؤل. سنعرف خلال يوم أو يومين ما إذا كانت إيران جدية أم لا".
وتابع الوزير الأميركي خلال مؤتمر في استوكهولم، على هامش اجتماع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أنّه "لم يفت الأوان بعد لتغيّر إيران موقفها وتحاور بطريقة هادفة في محاولة" لإنقاذ الاتفاق الذي أبرم في 2015 في فيينا ويمنعها من الحصول على القنبلة الذرية.
في سياق متصل، نقل الصحافي الإسرائيلي باراك رفيد، الذي يعمل في موقعي "واللاه" و"إكسيوس"، في تغريدة على حسابه في "تويتر"، عن مسؤولين أوروبيين وأميركيين قولهم إنّ المواقف التي تطرحها إيران في مفاوضات فيينا "متطرفة وغير عملية".
وبحسب المسؤولين الذين تحدث إليهم رفيد، فإنّ الإيرانيين يبدون تشدداً تحديداً إزاء مسألة رفع العقوبات الأميركية عنهم.
وفي تغريدة أخرى، كشف رفيد أنّ وزير الخارجية الأميركي هو الذي بادر اليوم الخميس للاتصال برئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت، مشيراً إلى أنّ الاتصال لم يهدف إلى مناقشة قضايا متعلقة بإيران بل إنّ الوزير الأميركي كان معنيّاً في الأساس بنقل رسالة إلى إسرائيل مفادها أنّ الولايات المتحدة تعترض على بناء مستوطنة في منطقة "عطروت" شرق القدس.
وأضاف أنّ بينت وبلينكن ناقشا بعد ذلك بتوسعٍ، القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت، الخميس، من بلينكن خلال مكالمة هاتفية "الوقف الفوري" للمفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، والتي استؤنفت الإثنين في فيينا بعد خمسة أشهر من توقفها.
وأبرمت إيران وكل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا اتفاقا في 2015 بشأن برنامجها النووي أتاح رفع الكثير من العقوبات التي كانت مفروضة عليها، وذلك في مقابل الحدّ من نشاطاتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
إلا أنّ مفاعيل الاتفاق باتت في حكم اللاغية منذ العام 2018، عندما انسحبت الولايات المتحدة منه أحادياً في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران.
وردّاً على ذلك، بدأت إيران عام 2019 التراجع تدريجا عن تنفيذ الكثير من التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق.
وأبدى الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي خلف ترامب في مطلع 2021، استعداده لإعادة بلاده الى الاتفاق شرط عودة إيران لالتزاماتها. وخاضت الأطراف المعنية، وبمشاركة غير مباشرة من واشنطن، ست جولات مباحثات في فيينا بين إبريل/نيسان ويونيو/حزيران.
بلينكن: بايدن وبوتين سيجريان محادثة مباشرة "في مستقبل قريب"
على صعيد آخر، أعلن بلينكن أنّ الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين سيجريان محادثة مباشرة "في مستقبل قريب".
وقال في المؤتمر الصحافي "من المحتمل أن يتحدث الرئيسان معاً مباشرة في مستقبل قريب".
من جهتها، أعربت روسيا، الخميس، عن أملها في إقامة "تواصل" بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جو بايدن "في الأيام المقبلة".
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، وفق ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية، إنه يأمل في "إقامة تواصل بين الرئيسين في الأيام المقبلة"، مشيراً إلى أنه لم يتمّ التوافق على أي موعد حتى الآن.
وأضاف "هذا التواصل ضروري فعلاً، والمشكلات تتزايد، خصوصاً من ناحية العلاقات الثنائية".
وأوضح أنه "لا يوجد تفاهم متبادل حول طريقة المضي قدما نحو تهدئة الوضع في أوروبا"، وهو أمر "يسبب قلقاً كبيراً"، مؤكداً أنّ هذا الوضع سيكون "أحد المواضيع الرئيسية للنقاش" بين الزعيمين.
ولم يحدد ريابكوف شكل "التواصل" هذا، لكن وكالات أنباء محلية نقلت عن مسؤولين روس أن هناك إمكانية لعقد قمة افتراضية.
من جهته، أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس، بأنّ موسكو تحتاج إلى "ضمانات أمنية طويلة الأمد" عند حدودها من شأنها وقف توسع حلف شمال الأطلسي نحو الشرق، بحسب موسكو.
وكان لافروف وبلينكن في استوكهولم لحضور اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أحد منتديات الحوار الدولية القليلة التي تضم الولايات المتحدة وروسيا.
وخلال اجتماع ثنائي مع بلينكن، أبلغ لافروف وزير الخارجية الأميركي بأنّ موسكو تريد وعداً ملزماً قانوناً بعدم السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وأنّ "الناتو" سيوقف توسعه شرقاً، بحسب موسكو.
وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، بحسب ما أوردته "رويترز"، إنّ لافروف حذّر واشنطن من "زج أوكرانيا في الألعاب الجيوسياسية للولايات المتحدة"، مضيفاً أنّ روسيا تحتاج إلى "ضمانات أمنية طويلة الأمد عند حدودنا الغربية، وهو ما يجب اعتباره مطلباً حتمياً".
وفي وقت سابق من اليوم الخميس، قال لافروف خلال اجتماع المنظمة: "لقد حان الوقت لتحويل الكلمات الصحيحة إلى ضمانات أمنية طويلة الأجل وملزمة قانوناً".
وأشار إلى أنّ روسيا تخطط لتقديم مقترحات ملموسة في المستقبل القريب وتتوقع من الغرب أن يأخذها بجدية.
وتضاعفت المواضيع الخلافية بين واشنطن وموسكو في الأشهر الأخيرة، خصوصا في ظل التوترات الحادة بين موسكو والدول الغربية على خلفية الشأن الأوكراني، رغم الرغبة في التهدئة التي أبداها بوتين وبايدن في أول قمة تاريخية لهما في يونيو/حزيران في جنيف.