كشفت مصادر مصرية خاصة، كواليس تجاذبات بين المؤسسة العسكرية، والدائرة المقربة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بسبب شكل وآليات التعاطي مع الأزمة اليمنية وتقاطعاتها الإقليمية.
وقالت المصادر إن خلافاً داخل دوائر صناعة القرار المصري نشأ أخيراً، على وقع مطالبات خليجية بدور أكثر فاعلية لمصر في الأزمة اليمنية، وتحديداً في الدفاع عن المصالح الخليجية في مواجهة التهديدات الحوثية المتكررة.
تعي القيادة العسكرية المصرية مخاطر التوغل في حرب ميدانية
وأضافت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، أن مطلباً قدم أخيراً للقاهرة، في أعقاب تصاعد الهجمات الحوثية على الأراضي السعودية والإماراتية، بمشاركة عسكرية ميدانية، عبر قوات "الصاعقة" المصرية، لتنفيذ عمليات نوعية ومركزة فقط داعمة لقوات التحالف، وليس قيادة عمليات برية واسعة داخل الأراضي اليمنية.
تقليص المشاركة المصرية بالعمليات في اليمن
وقال أحد المصادر، رافضاً الكشف عن اسمه، إن "القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، اتخذت قراراً منذ فترة طويلة، بتقليص المشاركة في العمليات الحربية في اليمن، والتي كانت معظمها عبارة عن مشاركة بحرية، من خلال "لانشات" دعم لوجستي و"لانشات" صواريخ، تتمركز جنوبي البحر الأحمر".
وأوضح المصدر أنه "تم أخيراً سحب معظم هذه القوات البحرية إلى قاعدة برنيس البحرية، التي أنشئت خصيصاً لذلك الغرض، حتى تستطيع القوات أن تتمركز هناك، بدلاً من التواجد في البحر الأحمر لفترات طويلة".
وأكد المصدر أن "قيادة العمليات في القوات المسلحة المصرية، والمتمثلة في رئاسة الأركان وهيئة العمليات، تعي جيداً مخاطر التوغل في حرب ميدانية، سواء داخل الأراضي اليمنية، أو حتى في البحر".
وأوضحت أن "حروب الجيوش النظامية تختلف عن حروب الجماعات المسلحة، مثل الحوثيين، وهو الخطأ الذي وقعت فيه جيوش التحالف العربي، خصوصاً الجيشين السعودي والإماراتي".
وقال المصدر إنه "من غير المنطقي بعد سنوات الحرب الطويلة، والتي لم يحقق فيها الجيشان السعودي والإماراتي في اليمن النتائج والأهداف المعلنة، حتى الآن، أن يطلب من الجيش المصري التورط والدخول في حرب هناك، لأن النتيجة لن تختلف كثيراً عن الوضع الحالي، على الرغم من جاهزية القوات المسلحة المصرية العالية، واستعدادها القتالي رفيع المستوى".
وقالت المصادر الخاصة إن "المطلب تسبب في جدل واسع داخل أروقة صناعة القرار المصري، بسبب تبنّي فريق داخل دائرة الرئيس المقربة، للمطلب الذي كان ستترتب عليه امتيازات ومساعدات اقتصادية سخية لمصر" بحد تعبير أحد المصادر.
وأوضحت المصادر أنه "في مقابل ذلك، قوبل الطلب الخليجي برفض قاطع من قيادة المؤسسة العسكرية، التي تمانع الانخراط في أي عمل عسكري مباشر في اليمن، معتبرة أنه سيكون تكراراً لتجارب عسكرية فاشلة سابقة".
صيغة وسط بشأن المشاركة بحرب اليمن
وأشارت المصادر إلى أنه "أمام الرفض من جانب قيادة الجيش المصري، للمشاركة بأية قوات قتالية في الأزمة اليمنية، جرى التباحث بشأن الوصول إلى صيغة وسط".
وأوضحت أن هذه الصيغة "تضمن عدم خسران الدعم الاقتصادي الخليجي من الإمارات والسعودية، في ظل ظروف اقتصادية راهنة صعبة تمر بها الحكومة المصرية، وكذلك لا تتصادم مع موقف المؤسسة العسكرية، الذي بدا واضحاً أنه يصعب زحزحته، خصوصاً أن السيسي نفسه كان على اقتناع به، لكن تحت ضغط الأزمة الاقتصادية، ومشورة دائرته المقربة بدأ في التعاطي معه".
تضمّن الحل الوسط إرسال فريق من الخبراء العسكريين إلى جنوب اليمن
وأوضحت المصادر أن السيسي شخصياً هو الذي أدار الأمر مع المؤسسة العسكرية، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، ورئيس المجلس الأعلى العسكري.
وأشارت إلى أنه عبر اجتماع مع كبار القادة، تم التوصل إلى صيغة إرسال فريق من الخبراء العسكريين، مكون من 7 أشخاص، وصلوا إلى الأراضي اليمنية في الجنوب بالفعل الشهر الماضي، حيث انضموا إلى غرفة العمليات الميدانية هناك".
وتابعت: "إلا أن توقيت وصول فريق الخبراء لم يكن موفقاً، حيث وصل في أعقاب الضربة الأولى التي تلقتها الأراضي الإماراتية (يناير/كانون الثاني الماضي)، ما تسبب في إثارة غضب السعودية".
رسائل الحوثيين تدعم موقف المؤسسة العسكرية المصرية
وبحسب المصادر، فإن رسائل من الحوثيين للقاهرة عبر قنوات استخبارية وأمنية، أعقبت وصول وفد الخبراء العسكريين المصريين إلى اليمن، كانت بمثابة دعم لموقف المؤسسة العسكرية، في مواجهة دائرة الرئيس.
وأكد الحوثيون في الرسائل التزامهم بالمصالح المصرية، وعدم التعرض لما يمكن أن يؤثر على تلك المصالح بالسلب، طالما ابتعدت القاهرة عن الانخراط في الصراع أو الدخول في مواجهة مباشرة مع قواتهم في اليمن.