- حزب الله يرد بعمليات متقدمة مثل تفجير عبوة ناسفة وهجوم بالصواريخ والمسيرات، مؤكداً على ردود مضبوطة لتجنب حرب شاملة، بينما تستمر إسرائيل في قصف المدنيين والمقاتلين، مما أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء.
- الولايات المتحدة ولبنان يسعيان للتهدئة والبحث عن حلول دبلوماسية لوقف إطلاق النار، فيما يحذر خبراء عسكريون من احتمال تصعيد الوضع إلى حرب شاملة، مع تأكيد حزب الله على جهوزيته لأي سيناريو محتمل.
الاحتلال يجدد قصف بلدات لبنانية وحزب الله نعى شهيدين اثنين اليوم
حزب الله: لدينا بنك أهداف مستعدّون لضربه
340 شهيداً جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان حتى 16 إبريل
تشهد حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة منذ أيام تصعيداً عنيفاً في المواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وتطوراً على مستوى العمليات العسكرية، يشي بتوسّع قد يأخذ مداه في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ظل تعثّر مفاوضات الهدنة في غزة، والحديث عن دخول المنطقة مرحلة جديدة بعد هجمات إيران رداً على استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق.
واشتعلت الجبهة اللبنانية من جديد بعد "هدوءٍ حذرٍ" خيّم على الحدود في أيام عيد الفطر، سواء بتزايد قصف الاحتلال للقرى والمنازل المدنية، واغتياله قادة من محور المقاومة، واستئنافه، أمس الأربعاء، استهداف البقاع اللبناني، أو على صعيد عمليات حزب الله العسكرية، أبرزها تفجيره عبوة ناسفة في قوّة إسرائيلية تابعة للواء غولاني، وتنفيذه هجوماً وصفه بـ"المركّب"، بالصواريخ الموجّهة والمسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة سرية الاستطلاع العسكري المستحدث في عرب العرامشة، ما أدى إلى إصابة 14 جندياً إسرائيلياً، في حصيلة قد تُعدّ الأعلى في صفوفه منذ بدء المواجهات في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
هذه التطورات تُبقي احتمال توسّع رقعة الحرب قائماً، خصوصاً مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتكثيف ضرباته لبنانياً، ومواصلته استهداف المدنيين والمقاتلين، وقد بلغ مجموع الشهداء حتى 16 إبريل/نيسان الجاري 340، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن وزارة الصحة اللبنانية، وذلك في وقتٍ يؤكد حزب الله أن ردوده مضبوطة ومختارة بدقة، لرفضه تحقيق هدف العدو بجرّه إلى الحرب، وهو ما ظهر في تعاطيه مع الاعتداءات الإسرائيلية خارج الجنوب، ولا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت وبعلبك والبقاع، لكنه في الوقت نفسه يشدد على جهوزيته لأي سيناريو.
حزب الله: لدينا بنك أهداف مستعدّون لضربه
في الإطار، يقول مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إن "العمليات التي تقوم بها المقاومة، سواء على صعيد الأسلحة المتطورة التي منها ما يُستخدَم للمرة الأولى أو الأهداف التي تختارها، موجعة للعدو وستوجعه أكثر لو استمرّ في تصعيده، وهي ليست إلا القليل من قدرات المقاومة، ولدينا بنك أهداف مستعدون لضربه تبعاً للتطورات"، مشدداً على جهوزية الحزب للحرب إذا فُرضت عليه.
هذه التطوّرات تنظر إليها الولايات المتحدة "بقلقٍ شديدٍ"، وفق ما يؤكد مصدر دبلوماسي في السفارة الأميركية في بيروت لـ"العربي الجديد"، ويقول إنّ "ارتفاع حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل مؤشرٌ خطيرٌ يزيد من احتمالات نشوب حرب واسعة، ولكن واشنطن ستكثّف اتصالاتها وجهودها للتهدئة". ويشير المصدر، شريطة عدم ذكر اسمه، إلى أن "التواصل مستمرّ مع المسؤولين اللبنانيين لتنبيههم إلى خطورة التصعيد وآثاره على لبنان، وضرورة التهدئة، والالتقاء على حل دبلوماسي سياسي لوقف إطلاق النار، رغم أنّ الأمر لا يزال بعيداً اليوم"، مشدداً على أن "الجهود ستبقى مستمرّة لمنع انزلاق الأمور إلى الأسوأ، والتي من شأنها أن ترتدّ على المنطقة ككلّ، لكن لا شيء يمكن ضمانه".
من جانبه، يقول مصدرٌ مقرّبٌ من رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "لبنان لا يريد الحرب، وسبق أن عبّر عن موقفه الرسمي في أكثر من مناسبة، وهو في المقابل لا يمكنه السكوت عن الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف قرى لبنانية ولبنانيين وتنتهك يومياً القرارات الدولية والسيادة اللبنانية". ويشير المصدر إلى أن "الاتصالات مستمرّة مع الخارج، الذي يعبّر عن وقوفه إلى جانب لبنان، ولكن لم تصلنا بعد أي ضمانات لإبعاد سيناريو الحرب. من هنا نكثف دعواتنا إلى المجتمع الدولي لتعزيز جهوده من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان".
احتمالات الحرب الشاملة قائمة رغم ثبات المواجهات
في السياق، يقول العميد المتقاعد عادل مشموشي لـ"العربي الجديد"، إن "الضربة التي استهدفت نقطة تجمّع للجنود الإسرائيليين في عرب العرامشة ليست جديدة من نوعها، إذ سبق للحزب أن أعلن عن استهداف العديد من تجمّعات قوات العدو، إلا أن هذه الضربة كانت أشد إيلاماً لارتفاع عدد المصابين، والأهم أن المكان المستهدف كان يتردد إليه كبار القادة، وهنا تكمن الخطورة".
ويتوقف مشموشي عند وصف حزب الله عمليته بالمركبة والمقصود بها "اعتماد مناورة قتالية استعمل فيها بالتزامن أكثر من نوع من الأسلحة، وبالتحديد طائرة مسيّرة وصواريخ موجهة تُستخدم عادة لضرب الدروع والتحصينات، وأنها تمّت على ضوء مراقبة ومتابعة، بحيث اختير تنفيذها في وقت تجمّع الجنود الإسرائيليين".
ويلفت مشموشي إلى أن "إسرائيل لم تبقِ أعمالها محصورة على ضفتي الحدود أو بمحاذاتها، وإنما أقدمت على تنفيذ اعتداءات في العمق اللبناني، من اغتيالات واستهداف قادة ميدانيين وقصف مراكز للحزب في بعلبك، الأمر الذي دفع حزب الله إلى عدم الاكتفاء بصواريخ الكاتيوشا محدودة القدرات التفجيرية والمدى، فلجأ إلى استخدام أسلحة ذات مفاعيل تدميرية أكبر تتناسب مع ما يتطلبه التعامل مع بعض التحصينات والمراكز، كما المسافة التي تفصلها عن الحدود. لذلك فإن لهذا الاستعمال مدلولاته ورسالته القائلة بأنه إذا صعّدتم صعّدنا، ولدينا هامش واسع من المناورة، وفي الوقت ذاته من دون كشف ما لدى الحزب من أسلحة أخرى أكثر فاعلية. علماً أن إسقاط مسيّرتين إسرائيليتين نوعيتين كشف استعمال الحزب وحيازته لصواريخ أرض-جو قادرة على إسقاط طائرات ومسيّرات تتحرّك على علو مرتفع".
إلى جانب ذلك، يرى مشموشي أن "إسرائيل تلقّت صفعة قاسية بعملية طوفان الأقصى، ولا ترغب في تلقّي صفعات أخرى مستقبلاً، ولا ترضى بالمزيد من الإخفاقات العسكرية والأمنية، وبالتالي تبدو وكأنّها عزمت على التخلّص من أعدائها، مستغلّة التعاطف معها من قبل المسؤولين الغربيين، والتعزيزات العسكرية التي سُخّرت لمناصرتها، وكونها تفضّل الاستفراد بالأعداء، حرصت على التفرّغ لحركة حماس والجبهة الداخلية، مع الاكتفاء بربط نزاع ومناوشات على الجبهة الشمالية ليبقى متاحاً لها فتح الجبهة الشمالية على مصراعيها عندما تتوفر لها الظروف المواتية، وذلك لتوجيه ضربة أو ضربات قاسية لحزب الله ومن خلفه لبنان، لتقليب الرأي العام ضد الحزب، كما للضغط على الدولة اللبنانية لمنع الحزب من مشاغلتها".
ويضيف "باعتقادي قد تعمد إسرائيل إلى فتح المعركة الشمالية وتعتمد فيها الأساليب ذاتها التي اعتمدتها في غزة، أي سياسة الأرض المحروقة، وضرب البنى التحتية للحزب، كما لبيئته الحاضنة وللدولة، كلّ ذلك بغرض التخلّص من الخطر المتمثل في حزب الله".
بدوره، يقول الخبير العسكري عمر معربوني لـ"العربي الجديد"، إنه "على مدى الشهور الفائتة، نستطيع القول إن مستوى المواجهة بين حزب الله والكيان الإسرائيلي ثابتٌ إلى حدٍّ كبيرٍ، لكن يتخلّله طبعاً بعض الخروقات من الجانب الإسرائيلي في العمق اللبناني، بيد أن هذه ليست مسألة يمكن التعويل عليها، خصوصاً أن غالبية الاشتباكات لا تزال محصورة في المناطق الحدودية، بعمقٍ مقبولٍ من الجهتين".
ويضيف معربوني "علينا أن نقارب المسألة تبعاً لإعلان حزب الله في اليوم التالي لمعركة طوفان الأقصى، أن جبهة لبنان هي إسناد لغزة وليست جبهة مفتوحة، وهذه مسألة ثابتة على مدار الشهور الستة الفائتة، لكن في المقابل هذا لا يعني أن الأمور يمكن أن تبقى على حالها، خصوصاً أننا شهدنا تصعيداً كبيراً من قبل المقاومة؛ سواء لناحية استهداف قاعدة ميرون أو مقر قيادة سرية الاستطلاع العسكري المستحدث في عرب العرامشة"، مشيراً إلى أنه "يمكن لأي خطأ بسيط أو حماقة من قبل الإسرائيليين أن تذهب بالأمور إلى تصعيد أعلى، وهو أمرٌ يبقى وارداً، ولا سيما أننا أمام مرحلة احتدام واشتباك مستمر".
من ناحية ثانية، لا يرى معربوني أن الأمور قد تذهب إلى التصعيد ربطاً بالردّ الإيراني، لأن حزب الله ليس في هذا الوارد، خصوصاً أنه لم يشارك في الضربة الإيرانية، باعتبار أن إيران هي المعني الأول بها، مشيراً إلى أنه "بغضّ النظر عن اختلاف وجهات النظر حول الضربة الإيرانية، لكن بالتصنيف العسكري هي عملية ردعية، سنرى إذا كانت ستُثبّت أو تتعرّض للاختراق من قبل الإسرائيليين، وبالتالي سنكون أمام وضعية ردّ وردّ فعل من الجهتين، وهذا ينذر بأن أمور لن تكون محمودة".