كشفت مصادر مصرية خاصة، لـ"العربي الجديد"، عن تنسيق عالي المستوى بين مصر والحكومة الإسرائيلية، بشأن إحياء مشروع "مسار العائلة المقدسة"، والذي تسعى مصر من خلاله لزيادة الجذب السياحي إليها، من خلال جذب قطاع كبير من السياحة الدينية المسيحية، عبر إعادة تأهيل وتطوير النقاط الرئيسية التي نزلت بها العائلة المقدسة في رحلتها من فلسطين إلى مصر. وكان هذا المشروع قد لاقى صعوبات خلال الفترة الماضية، بسبب العوائق الأمنية والسياسية التي تواجهه، نظراً لوقوع عدد من تلك النقاط في محافظة شمال سيناء المضطربة أمنياً، وذلك بسبب المواجهات بين الجيش المصري وتنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش". ويجري التنسيق حالياً، ليتخطى البعد الأمني، وصولاً إلى تنسيق الرحلات السياحية، ومسارها، علماً أن القاهرة تتطلع لتدشين المشروع قريباً، ولو بشكل تدريجي، وبدءاً من القاهرة والصعيد، بحسب المصادر.
لاقى المشروع صعوبات خلال الفترة الماضية، بسبب العوائق الأمنية والسياسية التي تواجهه
وقالت المصادر إن مجموعة من اللقاءات عقدت أخيراً بين مسؤولين رفيعي المستوى في كلّ من القاهرة وتل أبيب، جرى خلالها التوافق بشأن تنسيق الجهود حول إحياء المشروع، والترابط بين النقاط الواقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومصر. كما كشفت المصادر أن وفداً أمنياً إسرائيلياً رفيع المستوى، زار محافظة شمال سيناء أخيراً، وتجول في عددٍ من المواقع، بهدف التنسيق بشأن تبادل المعلومات والتقنيات الخاصة بتأمينها، بعد فتحها في مرحلة لاحقة من بدء تشكيل المشروع الثقافي والسياحي الكبير. وأضافت المصادر أن مصر ستبدأ في إعادة إحياء بعض الأماكن التي نزلت بها السيدة العذراء مريم، في القاهرة، وبعض محافظات الصعيد، لتدشين المشروع، الذي تعول عليه كثيراً في جذب آلاف السائحين. وأكدت المصادر، أن المشروع كان واجه أزمة كبرى، نظراً لأن المسار داخل الأراضي المصرية، يبدأ من محافظة شمال سيناء، المضطربة أمنياً، ما يعني أنه يصعب تأمين أي وفود سياحية في هذه المنطقة.
ولفتت المصادر إلى أن التنسيق المصري - الإسرائيلي، يشمل جانباً آخر بخلاف الجوانب الأمنية، وهو الجانب المتعلق بشأن التنسيق حول الرحلات السياحية التي تستهدف زيارة المسار، بداية من انطلاقها في الأماكن الواقعة تحت الاحتلال، والتنسيق بشأن رحلات انتقالهم إلى مصر لاحقاً، لاستكمال زيارة باقي المواقع داخل مصر.
وكانت مصادر قد كشفت في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، عن توقف العمل بمشروع مسار العائلة المقدسة، بسبب توصية من جهاز الاستخبارات العامة، التي اعترضت على المشروع نظراً لصعوبة تأمين الأفواج، لكون الكثير من المواقع التي زارتها العائلة المقدسة واقعة في مناطق جبلية نائية، وذلك قبل أن يتم التوصل إلى حلّ للمعضلة، بعد تدخل جهات أخرى، والوصول لقرار باستبعاد بعض المواقع من المسار السياحي.
يشمل التنسيق الجانب الأمني و الرحلات السياحية التي تستهدف زيارة المسار
وتحتفل مصر في الأول من يونيو/حزيران من كل عام بذكرى دخول العائلة المقدسة إلى أراضيها. واستمرت رحلة العائلة المقدسة داخل مصر أكثر من ثلاثة أعوام ونصف، تنقلت خلالها بين أكثر من 25 موقعاً وامتدت لمسافة 3500 كيلومتر ذهاباً وعودة من سيناء حتى أسيوط. ويحوي كل موقع حلّت به العائلة مجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه، ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالّة على مرور العائلة المقدسة في تلك المواقع، وفقاً لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر.
ودخلت العائلة المقدسة عن طريق شمال سيناء، ثم اتجهت إلى الدلتا، ثم إلى وادي النطرون، فمنطقة حصن بابليون في منطقة مصر القديمة، لتأخذ طريقها في نهر النيل إلى نهاية الرحلة في دير المحرق بالقوصية في محافظة أسيوط. وشملت المحطات بمسمياتها الحالية، وكانت لها مسميات قديمة أثناء الرحلة: رفح، الشيخ زويد، العريش، الفلوسيات، القلس، الفرما، تل بسطة، مسطرد، بلبيس، منية سمنود، سمنود، سخا، بلقاس، وادي النطرون، المطرية وعين شمس، الزيتون، وسط القاهرة حارة زويلة وكلوت بك، مصر القديمة وحصن بابليون، المعادي، منف، دير الجرنوس، البهنسا، جبل الطير، أنصنا، الأشمونين، ديروط، ملوي، كوم ماريا، تل العمارنة، القوصية، ميرة، الدير المحرق. وفي طريق العودة، مرّت العائلة المقدسة بجبل أسيوط الغربي (درنكة) إلى مصر القديمة، ثم المطرية فالمحمة ومنها إلى سيناء.
ويولي النظام المصري في الوقت الراهن أولوية خاصة لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة، وذلك بعد اعتماد الفاتيكان نقاط العائلة المقدسة لمصر ضمن الحج لملياري مسيحي على مستوى العالم، ما يعد تنشيطاً للسياحة المصرية.