- وصول وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى واشنطن وإجراء لقاءات مع المسؤولين الأمريكيين أدى إلى تبريد الوضع والتوصل إلى توافق حول عملية رفح كشرط لإنهاء الحرب وإقامة سلطة سياسية جديدة لغزة.
- الناطقة في البيت الأبيض أكدت إعادة جدولة زيارة الوفد الإسرائيلي، مما يعكس رغبة الطرفين في استمرار المباحثات والتعاون، ويشير إلى إمكانية تحقيق تقدم في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
كما كان متوقعاً، عاد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن إلى ما لا غنى لهما عن العودة إليه، وذلك بعد قطيعة الأيام الثلاثة الماضية التي كانت مشحونة بالنفور المتبادل بينهما ولو أنها كانت فورة في عراك عائلي، وكما حصل في السابق، بين أكثر من إدارة أميركية وحكومة إسرائيلية، كان التوتر محكوماً بان يكون عابراً ولو مع استمرار الجفاء الشخصي وانعدام الثقة بين بايدن ونتنياهو.
فوقية نتنياهو
صدّ وتحدّي نتنياهو للبيت الأبيض في مطلع الأسبوع، الذي وصل لحد تراجعه عن ارسال وفد إلى واشنطن للتباحث في موضوع رفح، ترك خدوشاً وآثار صدمة في واشنطن خاصة لدى أعضاء الإدارة وأوساط الكونغرس (عدا الجمهوريين) المنزعجة من انفلات وفوقية نتنياهو، وبخاصة الجهات اليهودية المحسوبة على الخط الليبرالي والحزب الديمقراطي.
وبقدر ما كان هناك ضيق من المتمرد نتنياهو على مصدر قوته بقدر ما كان هناك حرص على استدراك الأمور وردها إلى نصابها، وتضافرت في ذلك الضغوط من جهات مختلفة في الكونغرس ومطابخ الرأي والأصوات اليهودية مع التلويح بالمزيد من الخطوات بما يتخطى قرار مجلس الأمن الأخير الذي دعا إلى وقف النار لغاية نهاية شهر رمضان والذي امتنعت واشنطن عن نسفه بالفيتو، ورغم القرار جرى التهويل به كبداية لاتخاذ خطوات أشد مثل "وضع قيود على السلاح " حسب ريتشارد هاس، الدبلوماسي السابق والرئيس المنتهية ولايته لمجلس العلاقات الخارجية، الذي سبق ودفع بهذا الخيار والذي يقول الآن إن "الإدارة تقترب منه".
وساعد في الاستدراك والتنفيس وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، الذي وصل إلى واشنطن بعد ساعات قليلة من قرار نتنياهو بإلغاء زيارة الوفد. وفي لقاءاته مع كبار المسؤولين والتنسيق معهم على مدى يومين أدى، على ما يبدو، للتوصل إلى تبريد الوضع وصياغة مخرج لحمل نتنياهو على التراجع عن قراره وإعادة ارسال الوفد إلى واشنطن، مع ترك موعد الاجتياح محاطاً بالالتباس.
وتفيد المعلومات المتداولة بأن العملية العسكرية في رفح لن تبدأ قبل نهاية شهر رمضان، وفي ذات الوقت تشير التقديرات إلى أن عملية نقل المدنيين إلى خارج المدينة قد تستغرق عدة أشهر. وترافق مع ذلك كلام عن توافق مع الادارة بأن عملية رفح "شرط أساسي لإنهاء الحرب وبالتالي فتح الطريق نحو اقامة سلطة سياسية جديدة لحكم غزة".
ويبدو أن الكلام عن السلطة السياسية جاء كتطمين قدمه غالانت، الموثوق به (هو وبني غانتس) في واشنطن أكثر من نتنياهو، إلى إدارة بايدن التي كانت اعترضت على اجتياح المدينة لتشكيكها بنوايا رئيس الحكومة وعزمه المضمر على إطالة احتلال القطاع بعد دخول رفح، وربما ديمومته إرضاء لوزراء التطرف الديني والقومي في حكومته.
فهي، أي الإدارة، منذ البداية لم تكن ضد دخول قوات الاحتلال إلى المدينة لاعتبارها أن ذلك من "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها " كما دأبت على تكراره، ولكن توجسها من الخطوة الإسرائيلية التالية حملها على فرملة الاجتياح والاشتراط على نتنياهو بتقديم خطة مسبقة تكفل حماية المدنيين. ما يثير التساؤل عن السبب الذي منع الإدارة عن وضع مثل هذا الشرط، لو كان جدية، قبل إبادة 32 ألف فلسطيني.
الحرب تخدم نتنياهو
على هذه الأرضية، وبعد عودة غالانت، جاء تراجع نتنياهو مدعياً أن إلغاء زيارة الوفد كان رسالة إلى حماس. وبنفس الوقت ما كان من البيت الأبيض، الذي يعرف أن الرسالة كانت له، إلا أن تلقف التصريح للبناء عليه لعودة مياه المباحثات إلى مجاريها.
وأكدت الناطقة في البيت الأبيض، كارين جان بيار، أمس الأربعاء في إيجازها الصحافي أن زيارة الوفد الإسرائيلي أعيدت جدولتها ونعمل على تحديد الموعد بالتنسيق مع مكتب رئيس الحكومة، وكان واضحاً في تصريحها شيء من الارتياح رغم لغة التحدي التي اعتمدها نتنياهو.
وقال مبعوث السلام السابق إلى الشرق الأوسط، آرون ديفيد ميلر، إن "بايدن يريد نجاح المباحثات المتوقعة لأن الاستمرار في الحرب يخدم نتنياهو" مشيراً أيضاً إلى أن ذلك يزيد من متاعب الرئيس، وخاصة الانتخابية.
وكان لافتأً أن الناطق في وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، نفى علمه باحتمال عودة الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن حين سُئل، قبل دقائق من تأكيد البيت الأبيض احتمال عودته، وبدلاً من ذلك قال في بيانه الافتتاحي إن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، سيبدأ بداية الأسبوع القادم زيادة إلى أوروبا لمدة خمسة أيام، وحين سأله "العربي الجديد" بعد إيجازه الصحافي عما إذا كان يمكن أن تنطلق المباحثات مع الوفد الإسرائيلي أثناء سفر الوزير قال "لا أدري"، وكأن وزارة الخارجية غائبة عن هذا الملف ما أثار علامات استفهام حول نأيها عن آخر تطورات هذا الموضوع الذي شغل واشنطن، منذ الاثنين الماضي، والمتوقع أن يشغلها أثناء المباحثات وبعدها طالما أن نتنياهو يتصرف وكأن المبادرة بيده.