بعد ستة أيام من الصمت وعدم الإدلاء بأي تصريح رسمي فلسطيني أو خطاب حول عملية "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، خرج الرئيس محمود عباس أخيراً بتصريح ساوى فيه المقاومة بالاحتلال، حيث أعلن فيه رفضه العمليات التي تستهدف المدنيين والتنكيل بهم من كلا الجانبين، داعياً لإطلاق "سراح المدنيين والأسرى والمعتقلين".
وقال عباس خلال لقائه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في عمّان: "نرفض الممارسات التي تتعلق بقتل المدنيين أو التنكيل بهم من الجانبين لأنها تخالف الأخلاق والدين والقانون الدولي".
وكشفت مصادر مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أنّ عباس رفض منذ اليوم الأول أن يدين هجوم حركة "حماس"، لكنه فضل "التزام الصمت".
وأكدت المصادر في هذا الصدد، أن "أبو مازن تعرض لضغوط من جهات دولية ودول غربية وإسلامية وعربية منها دولة ضالعة بالتطبيع لإدانة قتل حماس لمدنيين إسرائيليين لكنه بقي على موقفه الرافض، وفضل التزام الصمت".
وأشارت إلى أن "عباس أعطى تعليمات للمسؤولين بالصف الأول من الحكومة ووزير الخارجية واللجنة المركزية لحركة "فتح" واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بأن لا يقوموا بالتصريح حول الأحداث في قطاع غزة أمام وسائل الإعلام".
وتابعت المصادر أن عباس أوعز أيضاً "إلى كبار اللجنة المركزية لحركة فتح بعدم الدعوة لمسيرات شعبية لنصرة أهل غزة، وعدم المشاركة فيها"، مشيرة إلى أن "ذلك على النقيض من حرب "سيف القدس" التي كان يشارك في بعض مسيراتها الشعبية عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول، وكانت تتم الدعوة من فتح وبقية الفصائل لمسيرات غضب شعبية".
والتقى عباس بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في العاصمة، عمان اليوم الخميس، لبحث سبل وقف العدوان الشامل الذي يشن على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأكد الرئيس عباس، وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية(وفا) ، بالقول: "نؤكد على سياسة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، والتي تنبذ العنف وتتمسك بالشرعية الدولية والمقاومة الشعبية السلمية والعمل السياسي طريقا لتحقيق أهدافنا الوطنية في الحرية والاستقلال، وصولاً لإنهاء الاحتلال وتجسيد استقلال دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967".
وناشد عباس بشدة بوقف العدوان على الشعب الفلسطيني فورًا، وتقديم المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية الضرورية، وضمان توفير المياه والكهرباء للمواطنين، بالإضافة إلى فتح ممرات إنسانية عاجلة في قطاع غزة.
كما حذر الرئيس عباس من توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة بسبب نقص الوقود، ما يشكل تهديدًا كبيرًا على الخدمات الصحية والإنسانية في المنطقة.
وشدد الرئيس عباس على ضرورة التحول إلى الحوار والعمل السياسي كوسيلة لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام. كما دعا إلى "إطلاق سراح المدنيين والأسرى والمعتقلين والعمل على وقف الإرهاب المستوطني ضد الفلسطينيين في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، ووقف اقتحامات المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك، والتي تزيد من تصاعد التوترات في المنطقة".
أثناء لقائه في العاصمة الأردنية عمان مع الملك عبد الله الثاني، أكد عباس على ضرورة إلزام إسرائيل بالامتثال للوضع التاريخي والقانوني في القدس الشريف. وشدد على أهمية الوصاية الهاشمية على المواقع المقدسة وضرورة توفير الحماية اللازمة لمنع استمرار الاعتداءات عليها.
ووفقًا للتقرير الذي نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، يأتي هذا الاجتماع ضمن الجهود المستمرة التي تقوم بها القيادة الفلسطينية على مدار الساعة لوقف "الحرب" المدمرة، وفي إطار تنسيق المواقف بين فلسطين والأردن.
من جهته، حذّر العاهل الأردني من "انتهاج سياسة العقاب الجماعي" تجاه سكان غزة، داعياً لالتزام القانون الدولي وفتح ممرات إنسانية عاجلة.
وأكد بيان للديوان الملكي أن الملك عبدالله الثاني بحث مع عباس "ضرورة وقف التصعيد" في غزة والضفة الغربية المحتلة.
وحذّر العاهل الأردني من "انتهاج سياسة العقاب الجماعي تجاه سكان قطاع غزة"، مؤكداً "ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني وعدم انتهاك القوانين الدولية باستهداف المدنيين الأبرياء".
كما أكد العاهل الأردني، خلال اللقاء، دعم الأردن للسلطة الوطنية الفلسطينية ممثلاً للشعب الفلسطيني.
وشدد على أن المملكة لن تدّخر جهداً في سبيل الوقوف إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين، وتقديم وإيصال المساعدات الإنسانية والطبية العاجلة إلى قطاع غزة.
وأكد موقف الأردن الثابت تجاه القضية الفلسطينية والحقوق العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، مشدداً على الاستمرار في حماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس بموجب الوصاية الهاشمية عليها.
وجدد العاهل الأردني التأكيد على أن المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار طالما لم يتحقق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو/حزيران.
ومن المتوقع أن يلتقي الرئيس عباس يوم غد الجمعة في عمان مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.