تعيش تونس حالة عزلة دولية خانقة تزداد يوماً بعد يوم. وأول من أمس السبت، ذكر زعماء مجموعة السبع، في بيانهم في مدينة هيروشيما اليابانية: "نشجع الحكومة التونسية على تلبية التطلعات الديمقراطية لشعبها، ومعالجة وضعها الاقتصادي، والتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي".
كلام يعني أن تونس أصبحت سطراً عابراً في مداولات دولية، ربما تعكس حالة اليأس الدولي من الوضع في البلاد، بعد دعوات متواترة على امتداد السنتين الأخيرتين بالاحتكام إلى الحوار واستعادة الشرعية الديمقراطية، ولكنها لم تجد من ينصت، بل وجدت صدّاً من الرئيس التونسي قيس سعيد، ووابلاً من الهجمات الدبلوماسية المتواترة منه ومن وزرائه، وهو ما أبعد الأصدقاء عن تونس في قلب أزمتها الاقتصادية.
ولم يبق من داعم لتونس غير إيطاليا، ورئيسة حكومتها اليمينية المتطرفة، جورجيا ميلوني، التي فُتنت بخطاب الرئيس تجاه المهاجرين، وأصبحت أكبر محامي السلطة التونسية في المحافل الدولية، داعية إلى توفير الدعم المالي لتونس في أقرب الآجال.
وفي ظل هذا الاختناق الدبلوماسي، لم يجد الرئيس من حل لفك العزلة غير أحضان جامعة الدول العربية، وكأنها نفعت أحداً قبله أو أنقذت بلداً من أي أزمة كانت.
وأول من أمس السبت، تعرضت تونس للانتقادات مجدداً بسبب أوضاع القضاء في البلاد. ونشرت سفارة ألمانيا في تونس على موقعها الإلكتروني أن "القضاء المستقل ضروري لحسن سير الديمقراطية، ولا يمكن للقضاء أن يتصرف بفعالية إلا إذا كان مستقلاً عن الضغوط أو التأثيرات السياسية".
وأضافت أن السفير الألماني بيتر بروغل، حضر ندوة دولية بعنوان: "من أجل العدالة المستقلة"، مع زملائه من فرنسا وهولندا وفنلندا وجمهورية التشيك. وأكدت السفارة أن "ألمانيا تقف مع كل التونسيين الذين يناضلون من أجل عدالة مستقلة ونزيهة وجديرة بالثقة".
وفي الندوة ذاتها، أكد رئيس الاتحاد الدولي للقضاة، جوزيه إيغريجا ماطوس، أن "وضع القضاء في تونس غير مسبوق وكارثي"، مضيفاً أن "الاتحاد الدولي للقضاة تولى منذ سنة القيام بعديد اللقاءات مع المهتمين بالشأن القضائي، والتقرير الذي أنجزه فريقه أظهر أن النتائج محبطة، وأن الوضع القضائي في تونس كارثي".
هكذا وصل الحال بالتونسيين إلى تلقّي الدروس من سفارة أجنبية في بلادهم، بينما تغرق السلطة في نسج أوهام المؤامرات وسجن أبنائها، مع إصرار الرئيس على أن كل أزمات البلاد، حتى فقدان الخبز والسكر والحليب، هي مؤامرات ضده وضد البلاد. وفي ظل حالة الإنكار هذه، يتساءل تونسيون: ما الحل؟ بينما توقف آخرون عن التساؤل نهائياً وألقوا بأنفسهم في البحر.