يعيش اللاجئون السوريون في تركيا حالة من الترقب والقلق من إجراءات التضييق التي تقوم بها الحكومة بحقهم، والتي أدت إلى ترحيل قسم منهم بغير وجه حق.
كما دفعت هذه الإجراءات قسماً آخر، ممن ضاقت بهم سبل العيش، إلى العودة مرغمين إلى مناطق غير مستقرة أمنياً في سورية.
الإجراءات التي تتخذها الحكومة التركية بحق السوريين، مثل تثبيت النفوس، أو ملاحقة الذين يقيمون في ولايات غير تلك التي استخرجوا منها بطاقة الحماية المؤقتة، أو منعهم من تسجيل نفوسهم في مناطق معينة، تبدو في ظاهرها إجراءات روتينية لضبط الأعداد الكبيرة من السوريين ضمن الأراضي التركية.
إلا أن طريقة تنفيذ تلك الإجراءات، وعمليات ترحيل من يخالفها بشكل تعسفي خارج الأراضي التركية، تشي بأن هناك استغلالا سياسيا لوضع اللاجئين السوريين في تركيا.
وتترافق هذه التطورات مع حملات تحريض عنصرية ضد السوريين، تقودها الأحزاب المعارضة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي لم يتمكن هو الآخر حتى الآن من تأمين وضع قانوني للاجئين السوريين، يشعرهم بالاستقرار والتكيف مع وجودهم على الأراضي التركية.
من غير المعقول أن يكون عقاب من يتأخر بتحديث بياناته، أو تثبيت نفوسه، الترحيل خارج الأراضي التركية. طبعاً هذا عدا عن التغاضي عن عمليات الترحيل القسري، من دون توفر سبب قانوني حتى، والتي يقوم بها بعض موظفي الهجرة الذين يتخذون موقفاً معادياً لوجود السوريين.
كما أن الحكومة التركية لم تتمكن حتى الآن من تأمين بيئة آمنة في المناطق التي تسيطر عليها داخل الأراضي السورية، يمكن أن يلجأ إليها السوري في حال فكر بالعودة لسورية.
ومع اقتراب الانتخابات التركية التي من المقرر أن تجرى العام المقبل، تزداد مخاوف اللاجئين السوريين من تصاعد حملات التحريض والعنصرية ضدهم، وأن يتم استغلالهم كورقة سياسية بين الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة.
كما سيبقى مصير وجودهم في تركيا معلقاً بنتائج تلك الانتخابات، إذ تهدد المعارضة بطردهم في حال نجحت بها. أما الحزب الحاكم فيسعى لمحاباة طيف من الجمهور التركي الذي لم يتقبل وجودهم بحزمة من الإجراءات التي تزيد من التضييق عليهم.
لكن بالرغم من معرفة اللاجئين السوريين أن طردهم من تركيا لا يمكن أن يتم بقرار من أي سلطة ستستلم الحكم فيها، فإنّ المخاوف، التي تصل إلى حد الذعر، هي من تحويل قرار التخلص منهم إلى المستوى الشعبي، الأمر الذي سيحوّل وجودهم إلى جحيم لا يمكن الخلاص منه إلا بالرحيل.