تسير الحياة هادئة في مدينة إسطنبول، حيث خلت الساحات مما يقارب 99 في المائة من ملصقات ويافطات الحملات المؤيدة والرافضة للتعديلات الدستورية، بينما يتوجه الناخبون الأتراك إلى صناديق الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم في ما يمكن اعتباره واحداً من أهم الاستفتاءات في تاريخ الجمهورية التركية.
وفي حال جرى تمرير الاستفتاء، فإنه سيكون نقطة تحول بالغة الأهمية، من النظام البرلماني الذي تتجمع فيه السلطات التنفيذية بيد رئيس مجلس الوزراء إلى النظام الرئاسي، وذلك لأول مرة في تاريخ الجمهورية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك.
في منطقة أيوب التي تعتبر أحد أهم المزارات السياحية بمساجدها التاريخية، والتي تضم قبر الصحابي أبي أيوب الأنصاري، يتوجه المواطنون إلى المسجد، بينما تم إخلاء الساحة القريبة من جميع الحملات، إثر الدخول في فترة الصمت الانتخابي في الساعة السادسة مساءً من يوم أمس.
ثلاث خيم لحملة "العدالة والتنمية"، وخيمة لحزب "الحركة القومية"، المؤيدَين للتعديلات الدستورية، بينما جرت إزالة خيمة حملة الشعب الجمهوري (الكمالي)، وكذلك إحدى الخيم التابعة لمنصة أخرى معارضة، تم إنزال جميع اللافتات الكبيرة، حتى إن عمال البلدية قاموا، ليلة أمس، بتنظيف الأرض من الملصقات المؤيدة والمعارضة، بينما تنتصب صورة كبيرة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بعد أن نزعت منها كلمة "نعم"، بينما بقيت كلمته التي تقول "القرار والكلام للأمة".
تتجه العائلات إلى الحدائق المتراكمة على ضفتي الخليج (القرن الذهبي). رجل أربعيني يبدأ بإحراق الخشب مع الفحم لشوي اللحوم، يؤكد لـ"العربي الجديد"، بأنه توجه إلى مركز الاقتراع من الصباح الباكر برفقة زوجته للإدلاء بصوتيهما، قبل استكمال الحياة الطبيعية كأي يوم عطلة".
ويضيف الرجل ويدعى علي "لا أشعر بالقلق، ليست المرة الأولى التي نعيش فيها انتخابات، أصولي من قونيا، وبطبيعة الحال صوتّ بنعم، عند السابعة مساء سنعود إلى المنزل لنتابع إحصاء الأصوات على التلفاز"، لتقاطعة زوجته توركان مبتسمة: "حاول أن يجعلني أصوّت بنعم، لكني صوتّ بالرفض، نكاية به، وببهجلي"، في إشارة إلى دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية.
ما زالت في ساحة تقسيم في وسط بلدية بيوغلو، بعض اللافتات الكبيرة التي تحمل صورة الرئيس التركي، بينما تتوزع بعض اللافتات الكبيرة لحملة الرفض التابعة للشعب الجمهوري في أزقة جيهانغير قرب تقسيم، وكذلك في منطقة تارلاباشي قرب الساحة، وقرب مركز الشعب الجمهوري، في وسط شارع تقسيم، الكثير من اللافتات التابعة للحملة.
خليجيون وإيرانيون وأوروبيون يتنزهون في شارع الاستقلال، الحياة تبدو طبيعية، بينما تتوزع قوات الشرطة في مدخل الشارع وفي الساحة، المحال معظمها مفتوح، كأي يوم أحد. غولتن من ولاية طرابزون، طالبة جامعية وتعمل في أحد المقاهي في الشارع، تقول لـ"العربي الجديد: "لم أذهب لأصوت، لأن مكان إقامتي في طرابزون، ولم أتمكن من تغييره بعد لأصوت في إسطنبول، لم أذهب لطرابزون للإدلاء بصوتي، ولكنني لو صوتّ سأصوّت بلا".
أما كورشات، أيضا يعمل برفقة غزلتن، فيقول "سأذهب للتصويت بعد قليل، أنا كمالي متعصب، وسأصوت بلا".
وتوجّه الناخبون الأتراك إلى صناديق الاقتراع، منذ صباح اليوم، للتصويت في الاستفتاء الشعبي على مشروع التعديلات الدستورية، وسيتمكن 55 مليوناً و319 ألفاً و222 ناخباً تركياً من التصويت للاستفتاء الدستوري السابع، في 167 ألفاً و140 صندوقًا بجميع ولايات البلاد، فيما جرى تخصيص 461 صندوقًا لأصوات النزلاء في السجون.
وبدأ التصويت في بعض الولايات اعتبارًا من الساعة السابعة صباحًا، ومن المقرر أن يستمر لغاية الرابعة بعد الظهر، بينما بدأ في ولايات أخرى عند الثامنة صباحًا ليستمر حتى الخامسة مساء بالتوقيت المحلي.