وعدّت بعض تلك الأطراف نتائج الجلسة الأولى بأنها غير واضحة وتحتاج لتفصيل، مطالبة بإعادة مراجعتها وتقييمها.
وعقدت قيادات عدد من القوى السياسية العراقية، ليلة أمس الأحد، اجتماعا مع رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في مكتب الأخير، بحضور الوفد التفاوضي العراقي مع واشنطن، لبحث ومراجعة نتائج الجلسة الأولى للحوار والانطباع العام حولها.
وفقا لمصادر سياسية عراقية، فإن عدداً من القوى السياسية طالبت بالاجتماع الاطلاع على ما حدث خلال جلسة الحوار الأولى مع الأميركيين، بسبب شكوك لديها حول توجهات حكومة الكاظمي وعدد من أعضاء الوفد المفاوض.
وبحسب المصادر ذاتها، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الهجوم على معسكر "التاجي"، شمالي بغداد، الذي يضم قوات أميركية ومن قبلها الهجوم على المنطقة الخضراء الذي يضم السفارة الأميركية بصواريخ الكاتيوشا، هو إفرازات لمخاوف المعسكر الحليف لإيران من هذا الحوار ودقة ما تنقله حكومة الكاظمي لهم من مخرجات أو نتائج للحوارات الجارية.
وأكد رئيس "الجبهة التركمانية العراقية"، النائب أرشد الصالحي، في بيان له عقب الاجتماع دون أن يفصح عن نتائجه أو ما تم التوصل إليه، أن "قادة الأحزاب السياسية والرئاسات الثلاث، بحثوا خلال اجتماعهم مع ممثلي وزارة الخارجية (الوفد التفاوضي العراقي)، الحوار الذي جرى مع واشنطن".
وعدّ زعيم "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي، من جهته، الحوار "مجرد إملاءات أميركية على العراق"، مطالبا بإعادة مراجعة نتائجه.
وقال علاوي، في تصريح متلفز، إن "ما جرى بين العراق وأميركا ليس حوارا، بل هو إملاءات"، مبينا أنه "كان من المفترض أن يتم توحيد الرؤى بين القوى العراقية من جهة ومع إقليم كردستان من جهة أخرى، قبل الدخول بالحوار، وأن يكون هناك موقف واضح من الحوار".
ودعا إلى "وجود هيئة تحكيمية لمراجعة ما تم الاتفاق عليه".
أما "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، فقد عدّ نتائج الحوار غامضة، وأنه سيسعى لاستضافة الوفد التفاوضي العراقي في البرلمان للاطلاع على التفاصيل بشكل أدق.
وقال النائب عن الائتلاف، كاطع الركابي، إن "هناك غموضا واضحا في الحوار الاستراتيجي، خصوصا في البيان الختامي، الذي كان مقتضبا ولم يذكر تفاصيل كل ما جرى خلال التفاوض".
وبيّن الركابي في تصريح صحافي، أن "هناك اتفاقا على تقديم طلب رسمي لاستضافة الوفد التفاوضي العراقي في البرلمان، خلال الأيام القليلة المقبلة، للاطلاع على كافة تفاصيل ما جرى بين الجانبين العراقي والأميركي، ولمعرفة أسباب عدم تقديم طلب صريح لواشنطن بسحب قواتها وفقا لقرار البرلمان العراقي".
هذا سبب التشكيك والتدقيق
الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد الحمداني، قال لـ"العربي الجديد": "إن الكاظمي ومنذ الساعات الأولى لتكليفه، لم يكن محل ثقة بالنسبة للقوى القريبة من إيران، وهي تنظر إليه على أنه خيار أو ورقة أميركية، لذلك من الطبيعي أن تكون كل خطوة محل تشكيك وتدقيق، وسيتكرر الأمر في ملفات كثيرة".
وبيّن الحمداني أن "قوى سياسية أخرى تعتبر أن نجاح الكاظمي في إدارة المرحلة الحالية، يعزز من قناعة الشارع بأهمية تظاهراته التي أسقطت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، وقد تؤسس أيضا لخروج منصب رئيس الحكومة من قيادات الصف السياسي الأول أو حتى الأحزاب الرئيسة".
واعتبر أن "القوى السياسية، خاصة المتضررة من التظاهرات الشعبية، ليست مع منح الكاظمي الفرصة لتحقيق برنامجه الحكومي، ولا سيما المتعلق بمحاربة الفساد، وحصر السلاح بيد الدولة وملفات أخرى"، مبينا أن "تلك الجهات تحاول التسلط على الحكومة وفرض إرادتها عليها، وكل ذلك لأجل تحقيق مكاسب معينة".
وكانت مليشيات عراقية موالية لطهران، ومنها "كتائب حزب الله" و"العصائب"، قد رفضت الحوار الاستراتيجي، معتبرة أنه يهدف إلى الإبقاء على القوات الأميركية فترة أطول في العراق، مهددة بـ"رد عسكري"، في حال فشلت الطرق الدبلوماسية بإنهاء جميع أشكال الوجود الأميركي في العراق. وقد تعرض معسكر عراقي يضم قوات أميركية، شمالي بغداد، أول أمس السبت، إلى قصف بصاروخي كاتيوشا.