رغم أنّ عيد الأضحى مناسبة دينية مهمة جداً في الأردن الذي يشكل المسلمون نسبة 92 في المائة من سكانه، فإنّ العيد أيضاً استحقاق اجتماعي يترافق مع مظاهر ترتبط بطبيعة العلاقات وعاداتها، مثل تبادل التهاني والزيارات بين الأقارب والأصدقاء، ما يوجد طقوساً تطبع أيام العيد وتحدد خيارات الناس في حركتهم.
وتواكب العيد الحالي تدابير وقاية مختلفة من وباء كورونا عن تلك في العام الماضي، والتي لم يبقَ منها فعلياً إلّا مظاهر بسيطة، إذ سمحت السلطات بتحرك المواطنين من السادسة صباحاً حتى الواحدة بعد منتصف الليل، في ظلّ تراجع عدد الإصابات اليومية إلى أقل من 700، بعدما بلغت الحصيلة اليومية 10 آلاف في فترات سابقة. كما تعتبر حركة الحياة الاجتماعية في وضع طبيعي اليوم.
وأكد وزير الصحة فراس الهواري، في وقت سابق، عدم فرض أيّ نوع من الحظر خلال عطلة عيد الأضحى، من دون أن يستبعد تزايد عدد الإصابات "ما يحتم التزام المواطنين تدابير الوقاية". وكان رئيس الوزراء بشر الخصاونة، أعلن في بيان أصدره في 11 يوليو/ تموز الجاري عن تعطيل الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات والهيئات العامة بمناسبة عيد الأضحى بدءاً من الإثنين 19 يوليو حتى الجمعة 23 يوليو.
حول طقوس العيد، يقول حلاق، يدعى أشرف علي (32 عاماً) لـ "العربي الجديد": "لا يخضع عيد الأضحى هذا العام لأيّ حظر، ما سمح باستقبالي زبائن كثراً من بينهم أطفال حضرت غالبيتهم مبكراً لتجنب زحمة أيام العيد، علماً أنني عملت منذ ساعات الصباح الأولى وحتى منتصف الليل، وواجهت بعض الخلافات داخل الصالون، وهو ما لا أفضله، لكنّني اضطررت لتحمل ذلك لأنّني أعرف أن العمل سيكون ضعيفاً بعد انقضاء العيد، ولن يكفي لتوفير الاحتياجات اليومية للصالون" الذي يملكه. ويرى علي أنّ "الوضع الاقتصادي وحركة الأسواق تحسنا هذا العام مقارنة بالأعياد الماضية، فالجميع يسعى للتعويض". ويشير إلى أنّ "العيد بالنسبة إلى أصحاب صالونات الحلاقة يبدأ في اليوم الثاني. فنحن لا ننام في اليوم الأول ونعمل حتى صلاة العيد، علماً أنّ والدي سيقدم الأضاحي بدلاً مني".
ويتوقع عبد الكريم العبادي، وهو صاحب محل بقالة، في حديثه لـ "العربي الجديد" عودة الفرحة هذا العام، بعدما حلّ العيد السابق في ظل الحظر ومنع التجول، ما جعل الفرحة ناقصة "لأنّنا كنا مقيّدين في حركتنا التي تعتبر ركيزة جلب الفرحة والبهجة لنا". يضيف: "إصابات كورونا انخفضت كثيراً في الأيام الماضية، ما يعني أنّ الخوف من المرض في أدنى مستوى، لذا سنتواصل مع الأقارب باطمئنان نسبي، علماً أنّه يمكن القول إنّ كلّ الأمور جيدة في هذا العيد باستثناء منظر افتقار الحرم المكي الشريف إلى ملايين الحجاج". ويشير العبادي إلى أنّه ينوي شراء الأضحية باعتبارها رمزاً دينياً مهماً، رغم أنّ أسعارها مرتفعة، إذ يتراوح سعر الخروف بين 200 و280 ديناراً (بين 300 و400 دولار).
من جهته، يعتبر الموظف، نبيل، في حديثه لـ "العربي الجديد" أنّ "فرحة العيد أكبر للأطفال، أما كبار السن فتظل فرحتهم برمز العيد الذي يجلب ضغوطاً اقتصادية صعبة والتزامات اجتماعية ثقيلة في ظل وضع مالي صعب لمواطنين كُثر". ويوضح أنّ الأولوية هي لشراء ملابس لزوجته وأطفاله، وتأمين احتياجات العيد من حلويات ومستلزمات ضرورية، وتقديم هدايا في إطار علاقات صلة الرحم التي تفرض واجبات دينية واجتماعية: "أما وضعي المالي فلن يسمح بتقديمي أضحية يتجاوز ثمنها نصف راتبي".
من جهتها، تقول عبير محمد، وهي ربّة منزل، لـ "العربي الجديد": "فرحة العيد مخصصة للأطفال الذين حرصت، مع انتهاء الحظر الخاص بكورونا والسماح بحرية التحرك، أن أشتري ملابس لهم، علماً أنّ الأسعار في الأسواق متفاوتة، وتوفر خيارات مناسبة لجلب الفرحة للأطفال. لكن يجب أن يشعر المقتدرون بالعائلات غير القادرة على التمتع بفرحة العيد، ومساعدتها في تعويض ذلك".
يقول وسام أحمد (26 عاماً)، وهو خريج جامعي عاطل من العمل: "العيد بالنسبة لي هو مثل أي يوم عادي. لا مشاعر مختلفة، باستثناء تزايد رغبتي في النوم، في حين لا أرغب في مشاركة آخرين بمجاملات اجتماعية. في المساء، سأحاول، كما في باقي الأيام، لقاء أصدقاء يجعلونني أشعر بأنّني في عيد".
أما فاطمة المناصير، وهي أم وموظفة، فتقول لـ"العربي الجديد": "جيد أنّ العيد عاد بلا قيود وبتراجع الحكومة عن الإجراءات والقيود التي فرضتها لمواجهة جائحة كورونا، ما سيسمح بزيارتي أقاربي وأصدقائي والاختلاط بهم. وهو أمر مهم جداً بالنسبة لي، علماً أنّ السماح بالزيارات للأقارب يفرح الأطفال كثيراً". وتشير إلى أنّها ستقدم مع زوجها، وهو موظف أيضاً أضاحي العيد هذا العام، كما كانت الحال في كلّ عيد أضحى "باعتباره أمراً ضرورياً جداً بالنسبة لنا". وتضيف: "نحرص على صنع الحلويات في المنزل مثل المعمول الذي يشكل أحد طقوس العيد وفرحته الخاصة، علماً أنّ تقاليد احتفالنا ثابتة ولم تتغير منذ أيام الطفولة".