الجزائر تودع أسقفها السابق هنري تيسيي.. رجل التسامح وعاشق الأمير عبد القادر
ووري في الثرى، اليوم، جثمان أسقف الجزائر السابق هنري تيسيي، الذي توفي في الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري في فرنسا، عن عمر يناهز 91 عاماً، لكنه كان قد أوصى بدفنه في الجزائر التي عاش فيها فترة طويلة.
وأقيم قداس وحفل تأبين ديني لروح القس تيسيي، في كنيسة السيدة الأفريقية، في أعالي العاصمة الجزائرية، بحضور عدد قليل من رجال الدين المسيحيين، وممثلين عن وزيري الشؤون الخارجية والشؤون الدينية الجزائريين، وممثلين للفاتيكان، والسلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، لا سيما سفير فرنسا وعائلة الفقيد.
وأصرّت أسقفية الجزائر على إقامة حفل التأبين بعدد قليل من الحاضرين داخل الكنيسة، على خلفية الترتيبات المتعلّقة بالوضع الصحي المرتبط بجائحة كوفيد-19. وبثّت الأسقفية المراسم على مواقع التواصل الاجتماعي، ووفّرت إمكانية متابعتها من ساحة الكنيسة بواسطة مكبّرات الصوت.
وحضر الحفل في الساحة الخارجية للكنيسة عدد من المواطنين من ديانات مختلفة ورجال دين، قدموا لإلقاء النظرة الأخيرة على الراحل، ولوحظ توافد عدد غفير من المواطنين الجزائريين والفرنسيين وآخرين للترحّم على الراحل والتعبير عن تعاطفهم العميق وتمسّكهم بقيم الصداقة والعيش والسلام والتسامح التي كان يدعو إليها أسقف الجزائر السابق. كما حضر الحفل ممثلون عن وزير الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر.
وقال كبير أساقفة الجزائر بول ديسفاج، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عقب مراسم التأبين: "فقدنا أخا وصديقا، نشكر الله على أنه أعطانا هنري تيسيي، بمهمته ودوره. وهو أعطى حياته للناس ولكلّ الشعب، وجعل كنيستنا كنيسة للشعب. إنه إنسان متفتح كان يلتقي كلّ الناس من كلّ الجهات والأفكار" .
وسبق الحفل الديني، اليوم الأربعاء، تنظيم قداس جنائزي عن روح أسقف الجزائر، الأحد الماضي، بكاتدرائية سان بابتيست، بمدينة ليون. وكانت لسفير الجزائر بفرنسا، محمد عنتر داود، مداخلة خلال القداس، قال فيها إنّ القس هنري تيسيي كان متشبعاً "بالمسيحية السمحة والإنسانية الجامعة، وإنه كان متواضعاً ومحباً ورمزاً للتعايش".
وأشار إلى أنّ "الجزائر فقدت برحيل الأب تيسيي أحد أبنائها البررة الذي تنعيه وتشاطر ذويه ومحبيه آلامهم. لقد عاش مدافعاً عن العقيدة المسيحية الكاثوليكية متشبعاً بقيم الإنسانية النبيلة، يعامل كل الناس على اختلاف مشاربهم على قدم المساواة".
وكان جثمان أسقف الجزائر السابق هنري تيسيي قد وصل، أمس الثلاثاء، إلى مطار الجزائر الدولي على متن طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية، بعدما كان قد توفي في الأول من شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بمدينة ليون الفرنسية عن عمر يناهز 91 سنة. وعُرف عنه تعلّقه الشديد بالجزائر، حيث تمّ تعيينه كراع للأبرشية الجزائرية عام 1955، ثم أسقفاً لمدينة وهران، غربي الجزائر، من طرف البابا بولس السادس سنة 1972، قبل أن يصبح بعدها أسقف الجزائر سنة 1988. وعُرف عنه حبه لشخصية الأمير عبد القادر، إذ ألّف عنه كتاباً في الفترة الأخيرة التي سبقت وفاته، ودافع عن الجزائر خلال الأزمة الأمنية، خاصة خلال أزمة مقتل الرهبان السبعة في منطقة المدية، (120 كيلومتراً جنوبي العاصمة الجزائرية).
وكان رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز جراد، قد نعى رئيس أساقفة الجزائر السابق هنري تيسيي، وكتب تدوينة جاء فيها "يفارق هذه الحياة رئيس أساقفة الجزائر السابق هنري تيسيي، الذي ارتبط بالجزائر الوطن، وأحب الجزائريين الذين عاش معهم طيلة حياته". وأضاف: "نعرف عنه شغفه بتاريخ الجزائر وكان مكتشف مذكرات الأمير عبد القادر، وظل مدافعاً عن قيم التسامح والتعايش وحوار الأديان، خالص التعازي إلى عائلة الفقيد وكل رفقائه".
يفارق هذه الحياة رئيس أساقفة الجزائر السابق هنري تيسييه، الذي ارتبط بالجزائر الوطن، وأحب الجزائريين الذين عاش معهم طيلة حياته
— عبد العزيز جراد-Abdelaziz DJERAD (@dz_pm_djerad) December 1, 2020
نعرف عنه شغفه بتاريخ الجزائرومكتشف لمذكرات الأمير عبدالقادر
وظل مدافعاً عن قيم التسامح والتعايش وحوار الأديان
تعازيَ الخالصة إلى عائلة الفقيد وكل رفقائه.