أعلنت وزارة التخطيط العراقية عن استمرار جهودها الخاصة استعداداً لإجراء التعداد السكاني الذي حُدّد موعده في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، مشيرة إلى تحديات مالية قد تعطّل المشروع.
وقال المتحدّث باسم وزارة التخطيط العراقية، عبد الزهرة الهنداوي، إنّ التعداد العام لسكان العراق تأخّر كثيراً، وذلك لأسباب قاهرة. وشرح أنّه في عام 2020، لم تتوفّر في العراق موازنة بالإضافة إلى تفشّي فيروس كورونا الجديد، الأمر الذي حال دون تنفيذه، أمّا في عام 2021 فلم تحصل الوزارة على تخصيصات مالية كافية، فضلاً عن تزامن موعد التعداد مع موعد الانتخابات. أضاف الهنداوي في تصريح نقلته عنه وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) أنّ "وزارة التخطيط استكملت الآن كلّ المتطلبات الخاصة لتنفيذ الإحصاء العام للسكان، ولكنّ الموازنة لم تُقرّ حتى الآن".
وشدّد الهنداوي على أنّ "الوزارة تحتاج إلى 120 مليار دينار عراقي (نحو 82 مليوناً و200 ألف دولار أميركي) لتنفيذ الإحصاء"، مشيراً إلى أنّ "جهود الوزارة مستمرّة"، وقد نُفّذت "مجموعة من التجارب في سبع محافظات بشكل ميداني". وتابع أنّ "الإحصاء سوف ينفّذ إلكترونياً من خلال الأجهزة اللوحية التي تكون مرتبطة بالمركز الوطني لمعالجة البيانات، ويكون إرسال البيانات بشكل فوري لحظة إدخالها من قبل العدّاد فيما هو جالس مع الأسرة"، وهكذا "تنتقل بشكل مباشر إلى المركز الوطني لمعالجة البيانات".
وتحدّث الهنداوي عن "مجموعة من المراحل الواجب استكمالها وصولاً إلى تنفيذ التعداد، مثل تأمين الأجهزة اللوحية التي نحتاج إلى 150 ألف جهاز منها، وأيضا الحاجة إلى تدريب وتأهيل 150 ألف عدّاد، وإجراء تعداد تجريبي في عموم العراق لاختبار القدرات والإمكانيات، وإجراء عملية الترقيم والحصر التي تمثّل العمود الفقري للتعداد، وبناء مركز متطوّر لمعالجة البيانات، وتأمين شبكات التراسل الإلكترونية من الميدان إلى مركز البيانات. وينبغي استكمال هذه المراحل قبل الوصول إلى يوم التعداد".
وأكمل الهنداوي أنّ "التعداد سوف يتحوّل من مشروع تشغيلي إلى مشروع استثماري، بمعنى أنّه يُدرج من ضمن الموازنة الاستثمارية وليس من ضمن الموازنة التشغيلية"، موضحاً أنّ "الموازنة التشغيلية محصورة بسنة محدّدة ولكن الاستثمارية تكون مستمرة". ولفت إلى أنّ "آخر تقديراتنا لعدد سكان العراق هو 41 مليوناً و150 ألف نسمة، نسبة الذكور منهم 50.5 في المائة والإناث 49.5 في المائة، أمّا نسبة النموّ سنوياً فتبلغ 2.6 في المائة"، علماً أنّ "الوزارة سجّلت في عام 2020 نمواً بواقع مليون و258 ألف ولادة فيما سجّلت مليوناً و284 ألف ولادة في عام 2021، وبذلك تخطّى سقف النموّ السنوي الذي يبلغ مليون ولادة".
من جهته، قال مسؤول في وزارة التخطيط تحفّظ عن ذكر هويته لـ"العربي الجديد" إنّ "الوزارة تأمل بنجاح إجراء التعداد لهذا العام، وتجاوز التحديات المالية وغيرها". وأوضح أنّ "ثمّة أطرافاً سياسية لا ترغب في إجراء التعداد، والذي تعدّه مضرّاً بمصالحها، لا سيّما في ما يتعلق بملفات التغيير الديموغرافي الذي طاول بعض المناطق في البلاد"، مبيناً أنّ "الحكومة الحالية عازمة على إجراء التعداد، لما له من أهمية كبيرة للبلد، اقتصادياً وسياسياً وتنظيمياً". وأشار المسؤول نفسه إلى أنّ "الوزارة تواصل عملها على الملف، لكنّها تنتظر تمويله، علماً أنّها لا تنظر إلى الجانب السياسي وتأثيراته على الملف".
تجدر الإشارة إلى أنّ العراق لم يتمكّن من إجراء تعداد سكاني بعد عام 2003 لأسباب ترتبط بمعظمها بجوانب سياسية، وكذلك خلافات بشأن محاولات تصنيف العراقيين في مكوّنات قومية ومذهبية من خلال التعداد. وفي سبتمبر/ أيلول 2021، أعلنت وزارة التخطيط أنّه من المتوقع أن يبلغ عدد السكان الإجمالي في البلاد 50 مليون نسمة بحلول عام 2030، وسط تحذيرات من تأخّر الحكومة في إعداد خطة شاملة لمعالجة أزمات السكن والتعليم والصحة والبطالة والفقر.