يدفع ارتفاع الحوادث على الطرقات الخارجية بين المحافظات بسبب وضعها السيئ عراقيين إلى عدم السفر إلا في حالات الضرورة. ويضطر كثيرون إلى تأجيل رحلاتهم أو إلغائها بالكامل لأنهم يخشون أن يصبحوا ضحايا لهذه الحوادث
تزداد الحوادث المرورية على الطرقات الخارجية في العراق، أي الطرقات ما بين المحافظات، ما يرفع عدد الوفيات والإصابات. ويؤكد مسؤولون أن النظام المروري والبنى التحتية تواجه تحديات كبيرة.
وأعلن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، في بيان أصدره، تسجيل 15 ألف حادث مروري هذا العام سبّبت وفاة أكثر من 4 آلاف شخص وجرح 17 ألفاً. وعزا البيان أسباب ارتفاع الحوادث إلى قِدم الطرقات وتجاهل تأهيلها، وعدم تضمنها علامات ودلالات وغياب متطلبات السلامة والسياج الأمني والكاميرات، إضافة الى عدم التزام السائقين بالنظام المروري وقواعد السير والسرعة المُفرطة والتجاوز الخاطئ.
ومن بين الأسباب أيضاً استخدام الهاتف الخلوي خلال القيادة، وعدم التقيّد بقانون وضع حزام الأمان وبالإشارات المرورية. وافتقار العديد من السيارات إلى متطلبات السلامة والأمان، والقيادة بسرعة مفرطة.
ويقول العقيد في شرطة المرور علي العبيدي لـ"العربي الجديد": "السرعة الزائدة من أخطر المخالفات التي تحصل على الطرقات الخارجية. ويتعرض السائقون أنفسهم ومن يوجدون على الطرقات لمخاطر كبيرة. أيضاً ترتكب تجاوزات متكررة في مناطق المنعطفات والتلال، ما يؤدي إلى حوادث تصادم خطيرة". ويشير إلى أن "استخدام الهواتف الخليوية أثناء القيادة من أبرز أسباب تشتيت التركيز الذي يجعلهم يتجاهلون إشارات المرور والعلامات التحذيرية، ما يؤدي إلى فقدان السيطرة على السيارات". ويذكر العبيدي أن "المخالفات تزداد في شكل ملحوظ على الطرقات الخارجية حيث تقل الرقابة، ما يجعل السائقين أكثر رغبة في اختصار الوقت. وقد تكمن الحلول في تكثيف حملات التوعية وفرض عقوبات أشد على المخالفين، وتنظيم دوريات مرور على الطرقات السريعة". تابع: "نحتاج إلى التزام أكبر من السائقين لخفض عدد الحوادث، فالطرقات الخارجية غير مجهّزة للسرعة العالية والتجاوزات الخطيرة، ويمكن أن ينقذ اتباع الإرشادات العديد من الأرواح".
وتعد الطرق الخارجية التي تربط بين المحافظات أماكن لحوادث خطيرة، ما يدفع عائلات عدة إلى التخلي عن خطط السفر، خصوصاً مع انتشار أخبار عن حوادث مروعة حصلت أخيراً.
يقول هاشم محمود، وهو رب أسرة من بغداد لـ"العربي الجديد": "خططت مع عائلتي للسفر إلى الموصل من أجل زيارة أقاربي لأيام قبل بدء العام الدراسي، لكن صور الحوادث المرورية المرعبة التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي أجبرتنا على التخلي عن الرحلة، وأنا غير قادر على المخاطرة بحياة أسرتي".
يضيف: "الشوارع غير آمنة، والعديد من الطرقات غير مهيأة لحماية المسافرين، والحكومة لا تقدم حلولاً واضحة لتحسين الوضع".
ويرى مواطنون أن المشكلات الرئيسية تتمثل في ضعف صيانة الطرقات، وانتشار الحفر، وانعدام الإنارة، وغياب نقاط التفتيش التي يمكن أن تساهم في ضبط السرعة العالية، كما أن الكثير من السائقين يتجاهلون قواعد المرور، ما يجعل الخطر دائماً على الطرقات.
وتقول نجاة هادي لـ"العربي الجديد"، وهي أم لطفلين، لـ"العربي الجديد": "اضطررت إلى إلغاء رحلة مهمة إلى البصرة (جنوب) من أجل زيارة والدتي التي تعاني وضعاً صحياً متدهوراً، خوفاً من الحوادث المرورية المروعة التي تحصل يومياً، خصوصاً في ظل الأحوال الجوية السيئة". تتابع: "أصبحت الطرقات مرعبة حقاً، في حين لا أستطيع المخاطرة بحياة أطفالي. حين تتحسن الأحوال الجوية وأتأكد من عدم تساقط أمطار سأسافر إلى والدتي، لكن من دون أطفالي".
وتتحدث عن أن "حوادث السير في الطرقات الخارجية تزداد في شكل مخيف، خصوصاً في ظل سوء حالات الطرق التي تزداد خطورة خلال الأحوال الجوية غير الاعتيادية، مثل هطل أمطار أو هبوب غبار أو وجود ضباب. وتحاول الكثير من العائلات تجنّب السفر على الطرق الخارجية إلا في حالات الضرورة بسبب الحوادث المروعة".
ويقول سائق سيارة أجرة يدعى كريم صالح يعمل على الطريق الخارجي الشمالي بين بغداد وأربيل لـ"العربي الجديد": "السرعة الزائدة والتجاوزات غير القانونية من الأسباب الرئيسية لحصول الحوادث، إضافة إلى التعب والإرهاق الذي يعانيه بعض السائقين الذين يقودون لساعات طويلة من دون أخذ فترات من الراحة".
ويلفت إلى أن الطرقات غير مهيأة بشكل كافٍ في بعض الأماكن، وتفتقر إلى إضاءة جيدة في المساء، ما يزيد خطورة القيادة. ويقول: "لا أملك إلا حل القيادة بحذر كبير كي أتجنب وقوع حوادث حرصاً على سلامتي وسلامة الركاب الذين يقلّهم، وأحرص على الالتزام بالسرعة القانونية وأتجنب التجاوزات الخطيرة، وأتأكد دائماً من جاهزية سيارتي لا سيما الإطارات والمكابح، وألتزم بالحصول على راحة بعد قيادة مسافات طويلة لتجنب الإجهاد الذي قد يقلّل سرعة رد الفعل".