تبدأ غداً المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية والقروية في مناطق الضفة الغربية، وسط غضب فرضه استبدال الصور الحقيقية لنساء مرشحات على قوائم برموز مثل "شجرة" و"وردة" أو صور مختلفة. وكان لافتاً أن بعض هذه القوائم محسوبة على حركة "فتح" التي انطلقت من خلفية وطنية تحررية تسعى لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وهيمن عليها توجه يغلب عليه يسار الوسط في العقدين الأخيرين، وكذلك على "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" (يسار) و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" (ماركسية) المعروفتين بتخليهما عن هذا النهج الذي تطبقه عادة الحركات والفصائل الإسلامية مثل "حماس" و"الجهاد الإسلامي" اللتين قررتا مقاطعة الدورة الحالية من انتخابات المجالس البلدية والقروية.
تقول عضوة المجلس الوطني الفلسطيني والأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ريما نزال لـ"العربي الجديد"، إنّ "استبدال صورة المرأة برمز أكان شجرة أو وردة أو صندوقا انتخابيا سببه الثقافة السائدة في المجتمع الفلسطيني حالياً، والمتعلقة بكيفية التعامل مع المرأة، واجتياح لفكر الأصولي وسلطة العشيرة في غياب السياسات الحكومية واضحة للحد من الأمر".
تضيف: "تخشى الحركة النسوية الفاعلة في فلسطين تزايد انتشار الأفكار النمطية والتقليدية، وحصر دور المرأة في الحياة السياسية الفلسطينية والانتخابات بحدود هذه الرموز، وانسحاب هذه الممارسات على أمور أخرى تساهم في تنميط دورها في الانتخابات، منها ترشيح قوائم لنساء حتى من دون علمهن".
وفيما أبدى ناشطون إضافة إلى حركات نسوية وبعض الفصائل والحركات اليسارية غضبهن من ظاهرة استبدال صور المرشحات، وضعت بعض القوائم صور المرشحات، مثل تلك في بلدة عصيرة الشمالية شمال نابلس شمالي الضفة الغربية، وأخرى في قرية العوجا شمال شرق مدينة أريحا شرق الضفة الغربية. وإحدى القائمتين ائتلافية بين "فتح" و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين".
من جهتها، تقول عضو المكتب السياسي لـ "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" ماجدة المصري لـ"العربي الجديد": "شهدنا وضع صور ورموز بدلاً من صور المرشحات خلال الدورات الانتخابية السابقة للمجالس البلدية والقروية، ولاقى الأمر استهجاناً، وهاجمه كُثر، لكن الأمر تكرر هذا العام. لكننا فوجئنا أخيراً بمخالفة أحزاب يسارية وفصائل أُخرى ومستقلين وعائلات، واستبدالها صور المرشحات برموز، فتحركنا على الفور لتعديل القوائم".
وتتابع: "تبين لنا أن ما حصل هو نتيجة لتأثر القوائم الانتخابية بالعائلات أو العشائر ومناطقهم، ونعرف أن نسبة كبيرة من النساء يرغبن في إبراز صورهن الشخصية كمرشحات في الانتخابات، ونحن في الجبهة الديمقراطية ننتبه دائماً إلى أمور مماثلة، ونعتبر أننا معنيون بمعالجة هذا الموضوع خصوصاً أن بعض القوائم الانتخابية تمثل عائلات فقط. وفي أحد المواقع الانتخابية، قررت عائلة منع نشر صور النساء في قائمتها الانتخابية". وتعلّل أيضاً: "كان رأينا أن تمتنع العائلة عن وضع صور للرجال أيضاً في قائمتها الانتخابية، وهذا ما حصل، لكن يجب أن يكون هناك قانوناً مُلزماً تتولاه لجنة الانتخابات المركزية لمنع أي شكل من أشكال الانتقاص من حقوق المرأة في تقديم نفسها مع الرجل في الانتخابات على الصعيد الإعلامي".
قانون "غير ملزم"
واللافت أن القانون لا يعطي لجنة الانتخابات المركزية أي دور في إلزام القوائم الانتخابية بأي إجراء في إطار الحملات. ويقول المتحدث باسمها فردي طعم الله لـ "العربي الجديد": "القانون يوجب وضع القائمة المرشحين والمرشحات في شكل واضح، لكن ليس عدم وضع صورة المرشحات أو حجبها".
وقبل أكثر من شهر على إعلان القوائم الانتخابية، توافقت الفصائل الفلسطينية على توقيع مذكرة سلوك مع لجنة الانتخابات المركزية لالتزام معيار وصف بأنه "أخلاقي" يلحظ عدم حجب صور النساء في القوائم الانتخابية لدى إعلانها، لكن بعض القوائم لم تلتزم بها، ما دفع لجنة الانتخابات المركزية إلى اللجوء إلى "التراضي والتوافق" بين الفصائل لاعادة التواصل بينها، وجعلها توقع على مدونة تعديل القوائم في شأن صورة المرشحات.
ويؤكد طعم الله: "أبلغنا الفصائل والقوائم أننا لن ننشر أي دعاية انتخابية لأي قائمة لا تلتزم بمدونة السلوك الموقعة. لكن لجنة الانتخابات المركزية لا تستطيع أيضاً إلزام أي قائمة بطريقة تعبيرها عن نفسها انتخابياً".
وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية في السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عن القوائم الانتخابية التي تم قبول ترشحها للمرحلة الأولى من الانتخابات المحلية، وتتعلق بـ 376 هيئة محلية في الضفة الغربية من دون المدن الرئيسة والهيئات المحلية الكبرى التي ستشملها المرحلة الثانية من الانتخابات المقررة في مارس/ آذار المقبل.