قضى فجر اليوم الأربعاء، مهاجران في محطة للقطارات في محافظة قفصة جنوب غربي تونس، بينما جرى إنقاذ ثالث أثناء عملية نقل الفوسفات من إحدى المغاسل، إذ كان المهاجرون الثلاثة يقضون ليلهم بالعربات الشاغرة.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني، معز تريعة، إنّ" الحادثة تمت في حدود الساعة الثانية فجرا، أثناء عملية تعبئة العمال لعربات الفوسفات التي يتم نقلها عبر السكة الحديدية من محطة القطارات بمدينة المتلوي نحو مصانع التحويل".
تونس: أزمة مهاجرين
وأكد تريعة لـ"العربي الجديد"، أن "المهاجرين كانوا يستغلون العربات الشاغرة للنوم ليلا"، مشيرا إلى أن "عمال المغسلة لم يتفطنوا لوجودهم أثناء شحن الفوسفات، ما تسبب في وفاة اثنين بعد سكب كميات من المادة المنجمية في العربة، بينما جرى إنقاذ ثالثهم".
وأشار المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني، إلى أن "المهاجرين المتوفيين تتراوح أعمارهما ما بين 24 و25 عاما وهما مجهولا الجنسية، فيما يبلغ عمر المهاجر الناجي 33 عاما وهو حامل للجنسية الكاميرونية وهم يقيمون في تونس بشكل غير نظامي".
وبحسب المصدر نفسه، جرى نقل المهاجر الناجي إلى المستشفى الجهوي بقفصة للعلاج، وهو يشكو من أعراض ضيق في التنفس.
وتستمر في تونس أزمة المهاجرين من دول جنوب الصحراء، وسط انتقادات لعدم قدرة السلطات على إيجاد حلول لوضعهم الاجتماعي الصعب.
الموت يلاحق المهاجرين من دول أفريقيا
واعتبر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، أنّ "الموت يلاحق المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء برا وبحرا "، مؤكدا أن "بقاءهم في العراء يعرضهم لمختلف أصناف الانتهاكات التي تمثل خطورة على حياتهم.
وقال بن عمر لـ"العربي الجديد"، إنّ "قاطرات نقل الفوسفات هي أحد الحلول التي يعتمدها المهاجرون في طريق هجرتهم من الحدود البرية مع الجزائر نحو صفاقس أو المدن الساحلية هرباً من الملاحقات الأمنية، غير أن هذه الطرق محفوفة بدورها بالمخاطر، ما يجعلهم عرضة للحوادث أو الاستغلال من قبل شبكات تهريب البشر".
وتابع: "سبق أن قضى مهاجرون على الطريق الحدودية عطشاً في فصل الصيف أو بسبب برد الشتاء". وانتقد بن عمر "المآسي الإنسانية التي يتعرّض لها المهاجرون في رحلتهم من المنافذ الحدودية البرية نحو المدن الساحلية استعدادا للهجرة بحرا".
وقال المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان له اليوم الأربعاء، إنّ "السياسات الأوروبية نجحت في فرض حلقة جديدة من إدارة أمنية زجرية لأزمة تسببت فيها سياسات الهجرة غير الإنسانية للاتحاد الأوروبي وانخراط الدولة وأجهزتها في معالجة تبعاتها بمنطق أمني.
وأكد المنتدى أن "الدفع بالمهاجرين إلى غابات الزيتون لمدينة صفاقس في ظروف مناخية قاسية ودون مساعدات إنسانية تستجيب للحد الأدنى ينقل العبء الإنساني إلى السكان المحليين الذين يعانون بدورهم من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وندرة المواد الأساسية".
وحذّر المنتدى "من سيناريوهات مستقبلية سيئة في صورة مواصلة اعتماد الحل الأمني"، مطالبا بـ"الكف عن عمليات الطرد الجماعي والمعاملة المهينة للمهاجرين واحترام كرامتهم وحقوقهم بصرف النظر عن وضعهم الإداري".
وبحسب النشرة الثلاثية حول الهجرة الصادرة عن المنتدى في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بلغ عدد المهاجرين الذين قضوا أو فقدوا في البحر الأبيض المتوسط خلال الأشهر التسعة من العام الحالي 1500 مهاجر من بينهم 958 ضحية في السواحل التونسية.
ووفقاً للمصدر نفسه، فإن أعداد المهاجرين التي تصل إلى أوروبا عبر مختلف المسالك دون أن تمر عبر السلطات المحلية أو الهياكل الأممية والتي لا أثر لها في البيانات الإحصائية، هي أرقام هامة وتختلف حسب تكتيكات شبكات تهريب المهاجرين.