- زيادة حالات الانتحار والجرائم المرتبطة بالمخدرات، مع تنفيذ قوات الأمن لعمليات دهم بالتنسيق مع الاستخبارات، وتأكيد النائب عامر الفايز على أهمية مكافحة المخدرات.
- تواجه العراق تحديات في مكافحة تهريب المخدرات بسبب قلة التعاون الدولي وتورط فصائل مسلحة، مع جهود وزارة الداخلية لإنشاء قاعدة بيانات لمكافحة المخدرات وتعديل القوانين لتشديد العقوبات.
تتجاوز سرعة انتشار المخدرات في العراق الجهود الحكومية وعمل الأجهزة الأمنية. وواضح أن ضبط هذا الانتشار يتطلب بذل جهود أكبر في ظل تأكيد السلطات تفشي المخدرات في المدارس، خصوصاً أنواع الكريستال والكبتاغون والحشيش.
شهدت محافظات جنوب العراق خلال الشهرين الماضيين ارتكاب أكثر من جريمة مروعة بسبب الإدمان على المخدرات، تحديداً مادة الكريستال التي تفشت كثيراً في العراق ولم تستطع السلطات السيطرة عليها رغم تنفيذ حملات أمنية كثيفة وواسعة، وفرض عقوبات قضائية مشددة على تجار مخدرات لردعهم. ويرى محللون أن صناعة المخدرات محلياً زادت نسب التعاطي.
وأخيراً قتل شبّان تحت تأثير المخدرات شخصاً بعد خلاف نشب بينهم في محافظة البصرة، كما قتل مواطن شقيقه تحت تأثير مخدر الكريستال بسبب خلاف بسيط في محافظة ذي قار. وتكرر السبب ذاته مع شخص قتل ابنة شقيقته في محافظة ميسان.
في المقابل، ألقت قوات الأمن في محافظة البصرة القبض على تاجر مخدرات متهم بقتل رجل أمن، كما ضبطت كميات كبيرة من المخدرات، آخرها 15 كيلوغراماً من مادة الكريستال في البصرة، وثلاثة ملايين حبة كبتاغون في محافظة الأنبار. ومعظم مصادر هذه المخدرات من إيران وسورية.
أيضاً كثرت خلال الفترة الماضية حالات الانتحار. وتقول مصادر أمنية وصحية في جنوب العراق لـ"العربي الجديد" إن "بعض حالات الانتحار حصلت بتأثير المخدرات. وقد يكون مدمنون فعلوا ذلك بلا قصد باعتبار أن مخدر الكريستال تحديداً يدفع المتعاطين إلى ارتكاب أفعال خطيرة من بينها استخدام السلاح. وهذا المخدر يغزو مدن الجنوب التي تعتبر أجهزة الأمن فيها أن مواجهة المخدرات من أولويات عملها".
وتشير هذه المصادر إلى أن "عمليات الدهم التي تنفذها قوات الأمن بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات على أوكار المتعاطين والمدمنين والتجار شهدت حوادث خطيرة جداً أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات الأمن، لأن العصابات تستخدم أسلحة، ولا يستسلم أفرادها بسهولة، كما ينتحر بعض تجار المخدرات قبل اعتقالهم لتجنب كشف التحقيقات خيوط الشبكات التي يتعاملون معها في الحصول على المخدرات وصنعها".
ويؤكد النائب عامر الفايز، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة تضع مكافحة المخدرات في مقدمة مسؤولياتها واهتماماتها، واتخذت تدابير مهمة لمكافحة الظاهرة الخطيرة التي تسبّب مشكلات أمنية واجتماعية كثيرة، كما أصدر القضاء خلال الفترة الماضية أحكاماً ضد تجار مخدرات ومهربيها".
يتابع: "تتعمّد عصابات المخدرات توريط شبان من مختلف الأعمار بالإدمان على أنواع مختلفة أبرزها الكريستال، ومع ارتفاع عدد المتعاطين زادت الجرائم".
ويقول الصحافي من محافظة البصرة أحمد القطراني لـ"العربي الجديد": "تنتشر المخدرات في عموم مدن العراق، لكن عملياتها الأكبر تتركز في الجنوب، إذ تعتبر البصرة ناقلة وحاضنة للمواد المخدرة، خصوصاً الكريستال الذي يُصنّع فيها أيضاً".
يتابع: "عملت الحكومة المحلية في البصرة لردع دخول المخدرات، لكن أساليب نقلها متنوعة، ومن بينها استخدام طائرات مسيّرة، وأيضاً تعبئة الجوز بالكريستال. والأكيد أن هناك حاجة إلى تكاتف المجتمع من أجل القضاء على الظاهرة التي زادت المشكلات الأمنية والجرائم المرتكبة".
ويلفت القطراني إلى أن "جهات تملك نفوذاً كبيراً تمنع دخول المشروبات الكحولية بحجج وذرائع وطرق عدة إلى البصرة ومدن الجنوب عموماً، لكنها تساعد في دخول المخدرات، ما يعني أن الوضع السائد مخطط له من أجل تحويل جنوب البلاد إلى بؤرة للمتعاطين تمهّد لتحقيق مكاسب مالية كبيرة".
وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد"، قال مسؤول أمني عراقي: "لا يلمس العراق أي تعاون من الجانب السوري في مكافحة المخدرات، علماً أن المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري والفصائل الحليفة له تلعب دور المُغرق الأول للعراق بالسموم والمواد المخدرة".
وأكد أن "التهريب الذي يُضبط على الحدود أقل بكثير من الكميات التي تنجح في دخول العراق عبر حدود محافظتي الأنبار ونينوى المحاذيتين للحدود مع سورية، وهناك تورط واضح لفصائل مسلحة تنشط على الحدود في تلك التجارة.
وأوضح أن "مادة الكبتاغون التي تصل إلى العراق عبر سورية تنتشر في مناطق شمالية وغربية وأبرزها محافظات صلاح الدين وكركوك والأنبار، في حين تطغى مادة الكريستال على التعاطي في مناطق جنوب العراق، وتصل أيضاً عبر إيران. والعاصمة بغداد من بين أكثر مدن العراق تضرراً، لذا تعتبر معدلات الجريمة فيها أعلى من غيرها".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلنت وزارة الداخلية أن عدد الذي أوقفوا خلال عام تجاوز 11 ألفاً، منهم 4500 من المروجين والتجار. وأوضحت أن نسبة النساء الموقوفات 3 في المائة، وأعلنت وجود سبعة مراكز للعلاج من إدمان المخدرات تابعة لوزارة الصحة تتوزع على محافظات البصرة وذي قار وبابل والعاصمة بغداد التي تحتضن ثلاثة.
كما أعلنت وزارة الداخلية تأسيس "قاعدة بيانات متكاملة عن وسائل وأساليب ومناطق وكيفية دخول المواد المخدرة، وأكثر المواد انتشاراً في العراق". وذكرت أن مادتي الكريستال والحشيش تنتشران وسط وجنوب العراق، وتدخلان عن طريق محافظتي ميسان والبصرة القريبتين من الحدود مع إيران، أما الكبتاغون والمؤثرات العقلية الأخرى فتنتشر في غرب وشمال العراق، وتدخل من محافظة الأنبار على الحدود مع سورية. وغالبية المواد المخدرة تدخل العراق عبر طرقات ومنافذ غير رسمية والأهوار والشريط الحدودي والصحراء من الجهة الغربية".
وخلال السنوات الأخيرة، بات العراق من بين البلدان التي تنتشر فيها المخدرات انتشاراً واسعاً. ونفّذت القوات العراقية حملات واسعة ضد عصابات المخدرات وتجارها في البلاد، وأدّت إلى اعتقال عشرات تجار المخدرات والمدمنين.
وكان القانون العراقي قبل الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003 يعاقب مروجي المخدرات بالإعدام شنقاً، ثم ألغيت عقوبة الإعدام وفرضت عقوبات تصل إلى السجن مدة 20 عاماً.