أمهلت نقابة المحامين في العاصمة اللبنانية بيروت المعنيين عشرين يوماً لإقرار قانون استقلال القضاء الموجود في أدراج مجلس النواب، وإلا الذهاب إلى خطوات تصعيدية قد تشمل إقفال قصور العدل اللبنانية.
ووضع النقيب ملحم خلف الدعوة في إطار الخطوة الأولى من الانتفاضة الكبرى التي ترتفع حدّتها تدريجياً، في ظلّ استمرار إضراب المحامين الذي بدأ قبل أكثر من عشرة أيامٍ، وتضمّن التوقف عن حضور الجلسات، وعدم القيام بأي مراجعات، باستثناء تلك المرتبطة بمهل أو لها صفة العجلة.
وأطلقت النقابة، الثلاثاء، خلال لقاء عام للمحامين، نداءً للتنبيه، وقال النقيب: "إننا أمام أيام مصيرية"، مطالبا المحامين بالاستمرار في إضرابهم إلى حين "تصحيح العلاقة مع نقابة المحامين، والرجوع عن الأخطاء بحق النقابة والمحامين"، كما دعا نقابة المحامين في طرابلس (شمال) إلى الانضمام إلى انتفاضتهم "لنحقق سوياً المطالب المحقة، وانتظام العمل القضائي، وتفعيله".
ويؤكد محامون إن القضية غير مرتبطة بما حصل مع المحامي رامي عليق، والادعاء الذي قدمته بحقه النيابة العامة الاستئنافية في بيروت بجرائم تهديد النائب العام لدى محكمة التمييز غسان عويدات، والقدح والذم بالسلطة القضائية، وما تلا ذلك من قرار قاضي التحقيق أسعد بيرم منع عليق من مزاولة مهنة المحاماة لمدة شهرين، ومنعه من دخول قصور العدل خلال المدة المذكورة.
ولفت المحامون إلى أن انتفاضتهم على كل التجاوزات التي يرتكبها قضاة بحق المحامين، وخصوصاً من يتابعون ملفات الفساد الذين يتعرضون لاعتداءات وتهديدات، عدا عن الممارسات المفضوحة لبعض القضاة تنفيذاً لأجندات قوى سياسية، أو أصحاب نفوذ، بعد أن باتت المحاسبة غائبة كلياً، وهو ما حصل أيضاً بتمرد سياسيين على القرارات القضائية، وأهمها في قضية انفجار مرفأ بيروت.
وقال المحامي رفيق غريزي لـ"العربي الجديد" إن "ما يحصل في القضاء مهزلة كبيرة، خصوصاً ما جرى أخيراً على خلفية القرار الذي أصدره مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ التعميم الصادر عن مصرف لبنان، والمطعون به لعدم قانونيته، بوقف التسديد البدلي بالليرة اللبنانية وتسديد الحسابات بعملتها الأجنبية، والطريقة المهينة لاستدعاء رئيس الجمهورية رئيسَ مجلس الشورى إلى القصر الرئاسي، وعقد اجتماع بحضور حاكم مصرف لبنان، في ضربٍ تام لمبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، ومفهوم العدالة".
وأعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد الاجتماع، أن التعميم المذكور "لا يزال ساري المفعول"، في تصريح ضرب قرار مجلس الشورى الذي تعرض لحملة مركزة.
وأوضح غريزي أن "انتفاضة النقابة تأتي بعد مسار طويل من تصرفات السلطة السياسية والمنظومة الحاكمة المتسلطة، والتي تحتم على النقابة اتخاذ موقف حازم، وألا تقف على الحياد، ولا بد من استنهاض الهمم لإعادة ثقة الناس بالقضاء، والذي بدوره عليه أن يفرض استقلاليته، ويدافع عنها، وينتفض لأجلها لإعادة ثقة المجتمع الدولي الذي يشترط استقلال القضاء في إطار الإصلاحات المطلوبة".
بدوره، يقول عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت عماد مارتينوس، لـ"العربي الجديد"، إن "انتفاضة المحامين ليست وليدة اليوم، إذ هناك عدم تعاون بين جناحَيْ العدالة، وهما القضاء والمحاماة، وتجاوزات بالجملة للأصول من قبل بعض القضاة، سواء بحق المحامين أو النقابة التي تمثّلهم، وذلك كله مرتبط بغياب استقلال القضاء. الاحترام يجب أن يكون متبادلاً بين المحامي والقاضي، وإلا فعلى العدالة السلام، ومطالبنا بديهية، ونابعة من أساس عملنا، وهي تنفيذ القوانين، وألا يمكن للقاضي أن يمنع أي محامٍ من مزاولة مهنته، فللمحاماة قانون خاص بها يصدر عن مجلس النواب".