بينما كان الناخبون يدلون بأصواتهم في الانتخابات التشريعية الجزائرية، تذكر الشاب زهير همومه، وأقدم على استخراج مختلف شهادات الباكالوريا التي حصل عليها خلال السنوات العشر الأخيرة.
الشاب زهير، وهو من إحدى ولايات الشرق الجزائري، عمره اليوم 29 سنة؛ لكنه يشتكي من عدم حصوله على منصب عمل، لهذا قال لـ"العربي الجديد" إنه "شاب جزائري هويته هي العشر شهادات للباكالوريا التي حصل عليها، وكذا الخمس دبلومات، من بينها مادة الطب". لكنه اليوم يرفع شعار "لا عمل، لا سكن، لا أفق".
يبدو تصريح هذا الشاب مؤلمًا، خصوصًا وأنه حمل معه الشهادات، وتوجه إلى أقرب مركز انتخابي، وكتب ورقتين بأنه "ما يصوتش"، وسيقاطع إلى حين حصوله على شغل، وتحقيق أحلامه، على حد تعبيره.
أمام الوعود التي يتلقاها زهير، الذي صرخ بأعلى صوته "أريد حقي"، وغيره من شباب الجزائر، من طرف المرشحين خلال الحملة الانتخابية، والتي ربطت التصويت والتوجه إلى مراكز الاقتراع بتحقيق أحلام وأماني الشباب ومختلف شرائح المجتمع، والاهتمام بانشغالات المواطنين، إلا أن شريحة كبرى من الشعب الجزائري ترفض التصويت، ليس لعدم اهتمامها بالوضع في البلاد؛ ولكن لأنها "لا ترى أملًا في أن تقدم صوتها في مثل هذه الاستحقاقات"، مثلما تقول وهيبة سرايدي (28 عامًا) في تصريحها لـ"العربي الجديد".
كما أكد السعيد، وهو عامل في مؤسسة خاصة، بأنه كان يطمح كثيرًا للحصول على شغل، وأن يحقق أحلامه في التخصص الذي درسه في الجامعة لمدة خمس سنوات "مهندس إلكترونيك"، لكنه لم يجد مراده في شتى المؤسسات التي طرق أبوابها، ما اضطره للعمل في مجال المحاسبة، وبأجر لا يتجاوز الـ30 ألف دينار، أي ما يعادل 150 يورو، على حد قوله.
من جانبه، ينتظر علي وأصدقاؤه، في حي"باب الوادي" العتيق، في أعالي العاصمة الجزائرية، من النواب الكثير، خصوصًا في ما يخصّ توفير ظروف معيشة أفضل، غير أن كثيرين يتمنون أن يتوفّر البرلمان القادم على الكوادر التي "تحفظ الأمانة"، لأن كثيرين قدموا أصواتهم لمن يرون فيهم ممثلي الشعب ويلبون تطلعات الشباب.
ومن جانب آخر، كانت الأحزاب السياسية متخوفة من عزوف الجزائريين عن الانتخاب وهو ما تكرر خلال الحملة الانتخابية، وخطاباتهم الدعائية. ويرى المختص في العلوم السياسية، مصطفى شيهوب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "السلطة في الجزائر متخوفة من عزوف المواطن عن الانتخاب أكثر مما هي متخوفة من دعاة مقاطعة الانتخابات، كون نسبة المقاطعة في الانتخابات التشريعية في 2012 بلغت 57 في المئة، برغم أنه لم يكن ثمة أحزاب سياسية دعت إلى المقاطعة في حينها".
واعتبر شيهوب أن المفارقة في مناسبة الانتخابات التشريعية؛ أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، ومستويات المعيشة، كانت أفضل بكثير قبل تشريعيات سنة 2012، ولكن العزوف كانت نسبته كبيرة. وفي مقابل ذلك، فإن الوضع المالي والاجتماعي في الجزائر "خانق"، والمواطن يعيش إحباطًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا بالنظر إلى مخلفات انخفاض مداخيل الجزائر من النفط، بفعل انخفاض أسعار النفط، وتضرر القدرة الشرائية في الجزائر بعد ارتفاع الأسعار، وكلها عوامل وأسباب أسهمت في عزوف الناخبين.