ظهرت اليوجينيا المصرية الحديثة منذ عشرة أعوام تقريباً بتصفية سياسية واجتماعية، مادية ومعنوية، لفئة بعينها، وانتشرت العدوى لتشمل فئات أخرى. ومع مرور الوقت، صار الحبل على الجرار، واتسعت رقعة العدوى لتطاول الغالبية العظمى من الشعب. من يقف خلف ذلك؟
موسى ومحمود ومجدي، رفاق تقاطعت دروبهم في الجامعة، وكان لكل منهم سلوكه الخاص خلالها، موسى منغمس في درسه، بينما محمود ومجدي يعتمدان عليه للنجاح في الامتحانات. ولكن ماذا كان سلوكهما بعد التخرّج تجاه موسى؟ هل ردّا له "الجميل" أم تنكّرا له؟
على وقع خطى الموت الذي تمثّل في جنازة مجهولة الهوية، يستعيد موسى حلمه المجهض. أراد أن يصبح مهندساً لكنه دخل كلية التجارة، وكاد يسقط في الأسى ومستنقع الهزيمة قبل أن يشدّ والده من أزره ويقول له "أنت ولعك كله بالتعامل مع الأرقام، ما رحتش بعيد يعني"
بدا عبد العال، في تلك اللحظة، ممشوق القوام، مزهوا بنفسه ومعتدا بصنيعه، وكأنه يعتلي قطار عطبرة، لكنه حقا لم يكن قطار عطبرة، إنما ثمة احتفال بنصره المبين على الكمسري وعودته سالماً غانماً.
سعداء الحظ والبخت هم في الليلة التي يقضيها بينهم أبو منصور السرمدي، يشرب معهم الشاي ويدخن المَعسّل، يتندر ويحكي حتى الثمالة الشارد والوارد، ولا يتجرّأ واحدٌ منهم أن يعارضه في ما يقول، أو يبدي تململا، أو امتعاضا، في أثناء استرساله.
نريد أن ننتصر! وكيف ننتصر؟! ونحن نهلك أرواحنا لنجد مبرر لكل شيء، فهانت نفوسنا علينا وصرنا ملكيين أكثر من الملك بل أصبحنا نتلذذ بالعذاب، ونستمتع بالذل الذي يحاصر حيواتنا من كل صوب وحدب.
تجلّى الماضي كاملا أمامه بأبهى صوره وأبشعها، فانتفض قلبه إلى درجة شعوره أنه سيصاب بتشنجات عصبية عضلية، إنها الكارثة عندما تتحول من طفل موهوب ورائد في شخصيتك، تنم عن مستقبل باهر وأمل كبير، إلى شاب أقل من العادي.
أحيانا، أحس أنني أبغض الكتابة وأكرهها كأنها فتاة عشقتها واستدرجتني حتى تزوجتها، فأنجبنا أطفالاً تعذبنا بسببهم وتعذبوا بسببنا، فيضمحل الحب ونصبح سبب تعاسة بعضنا، حينها ربما نتمنى أن يعود بنا الزمن فنظل نهوى بعضنا بالكلمات والنظرات دون أي اقتران عضوي.