يظل دور المجتمع المدني المصري والمنظمات الحقوقية حاسماً في رصد الانتهاكات والدفاع عن الضحايا والضغط من أجل التغيير. من الضروري توفير الحماية والدعم لهذه الجهود.
تُذكّر جولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل ذوي الضحايا والجماعات والقوى السياسية المجني عليهم في مصر بالحاجة الملحّة للتحرّك في مسارات فعّالة للمساءلة.
سيقلل السقوط المدوي للمجتمع الدولي في مستنقع غزة من ضغوط الخارج على النظام في مصر. ضغوط الحروب لا تنتهي مع نهايتها لكن عواقبها الاقتصادية والسياسية تستمر سنوات.
يستند نظام عبد الفتاح السيسي في مصر في رؤيته النهائية إلى أن يقتصر نشاط منظمات المجتمع المدني، دوماً، على مجالات التنمية والرعاية الاجتماعية وفق خطة الدولة واحتياجاتها التنموية وأولوياتها، وحظر ما عداها من أنشطة، عبر ترسانة قوانين وتشريعات مقيدة.
يشكّل ملفّ المعتقلين السياسيين في مصر واحدا من أهم الملفات، التي تتجاهلها بعض القوى السياسية، فيما يعمد البعض إلي اختزالها أو تطويعها لمصلحته الفئوية. واليوم مع مرور عقد على وجود بعض المعتقلين في السجون، تبرز الحاجة إلى وجود مقاربة مختلفة لهذا الملف.
يواجه النظام المصري اليوم أزمة مفصلية، مع جماهير شعبه بسبب الأزمة النقدية ومشكلة الديون المستعصية وارتفاع التضخّم المرتبط بشروط صندوق النقد الدولي، وفى بنيته، بعد وعود تقليل حصّة الجيش في الاقتصاد، ما يعني أنّ القمع لا يصنع استقراراً أبدا.
ربما لم تتفق النخبة المصرية في المنفى على أمر ما، بقدر ما اتفقت على الحزن الذي صَاحب خسارة الصحفي اللامع محمد أبو الغيط، الذي قارع الطغاة ومشى خطواته الأخيرة نحو الضوء، موّدعا كل ما أحبّه على الدوام.
فضحت قمّة "كوب 27" في شرم الشيخ في مصر انتهاكات النظام السلطوي المصري وانتصرت قضية حقوق الإنسان المهدرة والمُنكسة طوال عقد، حيث سقطت ورقة التوت وأحدث الجسم الحقوقي المصري انقلاباً ضد رؤية النظام المصري لسير المؤتمر.
ربما لا ترغب دولة الأمن الوطني في مصر في عودة المعارضين، وهي تجد دوراً استراتيجياً خارجياً ضخماً تتحصّل من خلاله على مكتسبات وامتيازات عبر مراقبة المهجّرين وحصارهم وتهديدهم، بينما ترغب دولة المخابرات في استعادتهم، ليوقّعوا صكوك العبودية.
بعدما تكشفت محدودية لجنة العفو والحوار في مصر أو تمخضها عن لاشيء سوى المماطلة والكذب والهروب إلى الأمام، لا بد من تضافر الجهود وتوحيدها لإجبار النظام على تبييض ملف الاعتقال السياسي وتقليم مخالبه، كخطوة أولى على طريق وضع حد لجموحه وتهوّره.