ونظرا لأن فرنسا تعيش أجواءً استثنائية، فإنها عرفت لأول مرة منذ إنشاء نظام الإنذار، وضعَ أربعة أقاليم تحت ما يسمى بـ"الإنذار الأحمر"، وهي "بوش دو رون" و"فوكلوز" و"غارد" و"إيرو"، حيث يحتمل أن تصل درجة الحرارة فيها في بعض الأوقات إلى 44 و45 درجة، وهو ما جعل وزير الداخلية، كريستوف كاستانير، يدعو محافظي الأقاليم إلى تنشيط "خلايا أزمة الحرارة"، من أجل تنسيق مصالح الدولة. في حين أن وزيرة الصحة ضاعفت من مناشداتها للمواطنين بالحذر، وبعدم الاستهانة بالمخاطر، وأكدت أن الرضّع والمسنّين والمشردين معرَّضون أكثرَ من غيرهم للمخاطر.
ومثلما تجاوزت بعض معدلات الحرارة، أمس الخميس، 40 درجة في جنوب فرنسا، بل ووصلت إلى 42 درجة في منطقة الأرديش، وهو ما اعتبر رقما قياسيا في يونيو/حزيران، مقارنة مع الرقم السابق، 41.5، المسجل في 21 يونيو/حزيران 2003، كما شهدت مناطق لاروشيل رقماً لم يُسجل من قبل فيها، وهو 40 درجة، فإنها ستتواصل يوم الجمعة، لأن القيظ سيصل إلى ذروته، حسب توقعات الأرصاد الجوية بين الخميس والجمعة، بدرجات حرارة تراوح ما بين 35 و40 درجة.
وعلى الرغم من أنه تم التأكيد من قبل أن ذروة القيظ ستكون في يومي الخميس والجمعة، إلا أن الخبراء يتوقعون أن ترتفع الحرارة أكثر في بعض المناطق، وخاصة باريس ونواحيها، يوم غد، السبت، 29 يونيو/حزيران الجاري.
وفي ما يخص الأقاليم الأربعة الموجودة في وضعية الإنذار الأحمر، فقد قررت وزيرة الصحة إلغاء الرحلات المدرسية وأيضا الاحتفالات، إلا تلك المُقامَة في أماكن باردة. وتمّ تنشيط خلايا أزمة، كما أن المؤسسات الطبية الاجتماعية ستقوم، هي الأخرى، بتنشيط "المخطط الأزرق".
ومع القيظ الشديد يزداد التلوث، وإضافة إلى مدينتي باريس وليون، اللتين حظرتا، يوم الأربعاء وأمس الخميس، واليوم الجمعة، أيضاً، سير السيارات التي تحمل ملصقات (كريت-إير) 3 و4 و5، انضمت إلى تنفيذ هذا الإجراء مدنٌ فرنسية أخرى، يوم الخميس، ومنها مارسيليا وستراسبورغ (غير أن مارسيليا وستراسبورغ حظرتا الحركة فقط على السيارات التي تحمل ملصقي 4 و5 أو تلك التي لا تضع أي ملصق)، كما أن مارسيليا مددت العمل بهذا الإجراء، اليوم الجمعة. وسيُعرِّضُ كلُّ سائق سيارة أو دراجة نارية لا تضع هذا الملصق أو من يحمل رقماً محظورا (من 3 إلى 5)، هذا اليوم، نفسَه لغرامة مالية تصل إلى 69 يورو، وإلى منعه من استخدام سيارته أو دراجته النارية طوال هذا اليوم.
ولمواجهة هذا القيظ الشديد، أجلت وزارة التربية الوطنية تنظيم امتحانات يومي الخميس والجمعة، إلى يومي الإثنين والثلاثاء، حيث ستنخفض معدلات الحرارة بشكل كبير.
كما تم إغلاق العديد من المدارس، أمس الخميس، واليوم الجمعة، في باريس وضواحيها وفي شرق فرنسا، ومنطقة فوكلوز وفار، ويصل عدد هذه المؤسسات المغلقة إلى بضع مئات.
كما دعت الشركة الوطنية لسكك الحديد المواطنين إلى تأجيل تنقلاتهم، اليوم الجمعة، إلى المناطق التي تعرف درجات حرارة استثنائية، ووعدت الشركة بتعويض أو استبدال بطائق السفر دون رسوم إضافية. كما تم استنفار الجسم الطبي الفرنسي، بشكل كبير، وعلى التراب الوطني، وخاصة قسم الاستعجال.
وتناشد السلطات الفرنسية المواطنين التزام الحذر من هذه الحرارة، وألّا يترددوا في استخدام رقم الهاتف (0800066666) للحصول على نصائح لتحمل الحرارة الشديدة ومعلومات أخرى مفيدة في هذه الحالة، والرقم (15) في حال حدوث وعكة صحية أو حالة استعجالية.
كما تنصح السلطات باستخدام وسائل النقل العمومية، وعدم الخروج إلا للضرورة، والإكثار من شرب المياه. وتجدر الإشارة إلى أنه توزع في معظم محطات المترو والقطارات قنينات الماء للمسافرين. كما أن من واجب الشركات والمُشغِّلين أن يُقدّموا مياه الشرب مجاناً لمستخدَميهم، الذين تم تقليص بعض ساعات عملهم، إن كان في الهواء الطلق، اتقاء لضربات الشمس القاتلة.
ومن آثار هذا القيظ الاستثنائي قرار وزير الفلاحة الفرنسي، ديديي غيوم، بحظر نقل الحيوانات، بما فيها الحيوانات التي يمكن حملُها، وأيضا تلك المعدَّة للتصدير، لأنه "لا يمكن ترك حيوانات في شاحنات وقطارات". وهذا الحظر سيستغرق، كما أكد الوزير الفرنسي، بضعة أيام، حتى تنخفض معدلات الحرارة، وهو إجراءٌ قصد منه حسن التعامل مع الحيوانات، كما شدد الوزير.