يحيي اليمنيون اليوم السبت، الذكرى السادسة لجريمة "مجزرة الكرامة"، وهو عنوان يوثق الحادثة الأكثر دموية في أحداث الثورة اليمنية، وقعت في الـ18 من مارس/آذار 2011، وفيها قام مسلحون موالون لنظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بإطلاق النار على جموع من المتظاهرين في "ساحة التغيير" بالعاصمة صنعاء، ما أدى إلى قتل ما يزيد عن 50 متظاهراً بدم بارد.
وقعت "المجزرة"، كما يُطلق عليها، عقب صلاة الجمعة التي كانت تحمل اسم "جمعة الكرامة"، إذ أقامت قوات الأمن جداراً إسمنتياً بأحد الشوارع الرئيسية، لمنع اتساع ساحة الاعتصام أمام الجامعة، وأطلق مسلحون النار على الذين حاولوا تجاوزه، الأمر الذي مثل تحولاً مفصلياً في أحداث الثورة اليمنية.
عقب "المجزرة" بأيام، أعلن العشرات من قيادات الدولة العسكرية والمدنية الانشقاق عن النظام وتأييد الثورة، وكان من ضمنهم قائد الفرقة الأولى مدرع والمنطقة الشمالية الغربية (حينها)، اللواء علي محسن الأحمر، والذي بانشقاقه وعشرات المسؤولين والقيادات إلى جانبه دخلت الثورة مرحلة جديدة.
وأفضت الثورة والأحداث المترافقة معها إلى اتفاق أجبر صالح على ترك السلطة وتسليمها لنائبه آنذاك، عبدربه منصور هادي، والذي انتخب رئيساً توافقياً في الـ21 من فبراير/شباط 2012.
انطلق مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والذي يعتبر أبرز محطة سياسية في المرحلة الانتقالية، في الذكرى الثانية لـ"جمعة الكرامة"، وتحديداً في 18 مارس/آذار 2013، بمشاركة 565 عضواً يمثلون مختلف المكونات بما فيها "جماعة أنصار الله" (الحوثيين) و"الحراك الجنوبي"، اللذان دخلا كطرفين سياسيين على طاولة الحوار لأول مرة، واستمر انعقاد المؤتمر حتى الـ20 من يناير/كانون الثاني 2014، وخرج بأكثر من ألفي مقرر، كان أبرزها وضع خطوط عريضة لمستقبل الدولة في اليمن، ينقلها إلى النظام الاتحادي وكذاك التمديد للرئيس عبدربه منصور هادي إلى حين الانتهاء من مسودة الدستور، والتي كان من المفترض أن تستوعب مخرجات الحوار، ليأتي الانقلاب في الأشهر الأخيرة من عام 2014، ومعه انتقل اليمن تدريجياً إلى مربع الحرب الشاملة.
بعد ست سنوات من "مجزرة الكرامة"، وأربع على انطلاق مؤتمر الحوار، يعيش اليمنيون أسوأ أوضاعهم على الإطلاق منذ عقود، فالحرب التي تصاعدت باجتياح "الحوثيين" صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014، ثم ببدء العمليات العسكرية لـ"التحالف العربي" في مارس/آذار 2015، لا تزال مشتعلة في العديد من المحافظات، ويذهب ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح بوتيرة متفاوتة، وكان أحدثها يوم الجمعة الماضي، بقصف الانقلابيين مسجداً لقوات الشرعية غرب مأرب، فيما قتل وأصيب العشرات أغلبهم من المهاجرين الأفارقة، بقصف سفينة مدنية في محافظة الحديدة غربي البلاد، وعلق وزير الخارجية اليمني، عبدالملك المخلافي، بتغريدة على صفحته الشخصية الجمعة الماضي، أن "جريمة مسجد كوفل في ذكرى مجزرة جمعة الكرامة، تكشف "الوجه القبيح" لتحالف الحوثي صالح"، مضيفاً أنها "يجب أن تكون محل إدانة واسعة لفضح جرائم الانقلاب".
على الجانب السياسي، لا جديد تقريباً يمكن أن يمثل مؤشراً على عودة البلاد إلى العملية السياسية، وقد خلص المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والذي يقود جهود السلام، في أحدث بياناته، والتي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، إلى حث المجتمع الدولي على بذل كل ما في وسعه لتخفيف معاناة اليمنيين وتشجيع التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية للصراع، وقال إن تأخير التوصل لاتفاق لن يؤدي إلا لمزيد من العنف والتدهور في الوضع الإنساني المأساوي في الأساس، كما يهدد بتوسع "المجموعات الإرهابية"، من دون أن يحمل بيانه ما يمكن اعتباره مؤشراً على خطوات قريبة لاستئناف المفاوضات.