انشقاقات داخل "الكارتل المالي" في الجزائر...انسحابات متوالية لرجال الأعمال رفضاً لبوتفليقة
انتقل الرفض ضد ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، من الشارع إلى ما يوصف بـ"الكارتل المالي"، حيث تتوالى الانشقاقات داخل منتدى رؤساء المؤسسات، الذي يعد أكبر تكتل لرجال الأعمال في الدولة، وذلك في أعقاب قرار رئيس التجمع، علي حداد، دعم حملة بوتفليقة الانتخابية.
وأعلن الرجل الثاني في تكتل رجال الأعمال، عمر بن عمر، نائب رئيس المنتدى، استقالته من المنتدى، قائلا في رسالة حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها إن المنتدى لعب أدواراً هامة في قيادة المؤسسات والاقتصاد نحو مستقبل أفضل، لكن "أعتذر منكم اليوم بعدما رأيته قد حاد عن قاعدته".
ويشغل بن عمر أيضا منصب رئيس الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، وهو مالك أكبر مجمع للعجائن. وينظر خبراء اقتصاد إلى أن استقالته تعد بمثابة ضربة موجعة إلى رئيس تكتل رجال الأعمال، لاسيما أنه ظل لفترات طويلة داعما له في المنتدى.
وقبل، استقالة بن عمر، بيوم واحد، أعلن صاحب شركة "أليانز للتأمينات"، حسان خليفاتي، انسحابه من منتدى رؤساء المؤسسات، بعد 17 عاما من النشاط داخله، حيث شارك خليفاتي في المسيرة الرافضة للولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة يوم الجمعة الماضي.
كما قرر رجل الأعمال النافذ في منطقة القبائل، محمد أرزقي أبركان، المالك لمجمع "سوجيميتال" للأشغال العامة، التنحي من عضوية منتدى رؤساء المؤسسات في رسالة موجهة إلى رئيس المنتدى، المعروف بقربه من عائلة بوتفليقة.
وقال أرزقي في رسالة الاستقالة التي اطلعت عليها "العربي الجديد" إنه لا يقبل بـ" الانتساب إلى منظمة لأرباب العمل تزدري شعباً بأكمله يعبر بحرية وبكرامة عن مطالبه".
وتأتي استقالة أرزقي بركان كرد فعل على الحوار الذي جرى بين رئيس المنتدى علي حداد، ومدير حملة بوتفليقة الانتخابية عبد المالك سلال، الذي تم تسريبه في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قال حداد إن "منطقة القبائل سهلة وسيتم شراء الناس فيها بسهولة"، وهو التسجيل الذي عجل بإقالة عبد المالك سلال يوم السبت الماضي، واستبداله بوزير النقل الحالي عبد الغني زعلان.
ويعتبر حداد، ثاني أغنى رجل أعمال في الجزائر، بثروة تقارب المليار دولار، خلف رجل الأعمال أسعد ربراب صاحب الثروة التي فاقت 3 مليارات دولار حسب مجلة "فوربس".
ويصف الجزائريون حداد بـ "رجل الزفت" نسبة لاحتكاره مشاريع إنشاء الطرق الكبرى، فيما يشبهه البعض بـ"الأخطبوط" و"ابن الجنرالات"، ويحوز على العديد من الشركات والمؤسسات الناشطة في مجال الأشغال العامة والفندقة والصحة، بالإضافة إلى جريدتين وقناتي تلفزة.
وكان حداد، الذي ساهم في تمويل الحملات الانتخابية للرئيس بوتفليقة منذ عام 1999، هاجم رجال أعمال معارضين لسياسات الحكومة.
وقال في أعقاب خطاب ألقي باسم بوتفليقة نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي "نحن لا نؤيد العدمية وجحود بعض المتعاملين الاقتصاديين الذين ينسبون النجاحات والإنجازات بشكل منهجي إلى حنكتهم الحادة الوحيدة، بينما يبررون الفشل بالمعوقات الوحيدة التي تأتي من السلطات العمومية أو حتى من اليد الخفية".
وتعيش الجزائر منذ نهاية فبراير/شباط الماضي على وقع حراك شعبي رافض لترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، حيث شهدت المحافظات الجزائرية مسيرات ضخمة، تطالبه بالعدول عن الترشح، وإجراء إصلاحات سياسية في البلاد.
وتشير مصادر إلى أن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من الانسحابات من تكتل رجال الأعمال، في ظل الضغوط المتصاعدة ضد ترشح بوتفليقة لولاية جديدة.
ورغم أن المطالب السياسية تتصدر الحراك الذي يشهده الشارع ضد هذا الترشح، إلا أن العديد من الملفات الاقتصادية والاجتماعية لا تغيب عن الواقع، وأضحت تفرض نفسها بقوة على مجريات الأمور.
فقد ردد المتظاهرون في احتجاجات يوم الجمعة الماضي، شعارات "كليتوا البلاد ... يا سراقين" (أكلتم البلاد يا لصوص)، وهي رسائل وجهها المحتجون للمسؤولين، الذين يتحملون مسؤولية تفشي الفساد، وسرقة أموال الدولة، بينما يرى خبراء أن الكثير من رجال الأعمال يخشون أن تطاولهم الاتهامات في حال استمرارهم بدعم بوتفليقة.
وتصاعدت معاناة الجزائريين في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار السلع والخدمات، مع الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تهاوي عائدات النفط منذ عام 2014.
وتشير البيانات الحكومية، إلى أن معدل سعر صرف الدولار أمام الدينار عام 2012 بلغ 77.55 ديناراً، فيما بلغ المتوسط عام 2013 نحو 79.38 ديناراً، ليرتفع إلى 80.56 عام 2014، ثم 100 في 2015، ونحو 107 دنانير في 2016، ثم إلى 112 بنهاية 2017، قبل أن يغلق عام 2018 على 119 ديناراً، وسط توقعات حكومية بمزيد من الانخفاض لقيمة العملة المحلية في العام الحالي.