06 أكتوبر 2024
خطة الوجود الأميركي في سورية
أحدثَ تصريح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في ديسمبر/ كانون الأول الفائت، عن نيته سحب قوات بلاده من سورية خلال ثلاثين يوماً، ارتباكاً جماعياً نجم عنه استقالة وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، ونشاط دبلوماسي مكثف، من وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي، جون بولتون، قبل أن يعود ترامب، ويخفف النبرة، حين قال إن الانسحاب سيجري بوتائر أبطأ، ثم حسم الأمر بتأكيد أن مجموعة صغيرة من الجنود الأميركان سيبقون في الشمال السوري، ومجموعة أخرى ستبقى في المحمية الصحراوية على الحدود السورية الأردنية العراقية في منطقة التنف.
أيقن ترامب أنه هَزَم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وقوّض الكيان الذي بناه هذا التنظيم، وحوّله إلى شراذم مهزومة، أو معتقلة، وبالتالي لا مسوغ لبقاء جيشه في المنطقة. وبعد إعلان ترامب إتمام المهمة، لم يعد ثمّة مبرّر قانوني لاستمرار وجود الأميركيين في الميدان السوري، خصوصا وأن معظم الأميركيين الموجودين هم من جنود الاستطلاع والتدريب، وما تحتاج إليه المناطق التي أخليت من عناصر "داعش" هو إعادة الإعمار والإدارة. وهذا ما لا تمتلكه القوات الموجودة حتى الآن. ولكن لدى ترامب هدف آخر أكثر أهميةً بالنسبة له، هو مواجهة إيران. والتكتيك هنا يختلف بالطبع عن مهمة قتال "داعش"، فهنا من غير المتوقع استعمال القوات العسكرية المباشرة والجيش والأساطيل لاقتحام مناطق سيطرة النظام السوري وحلفائه، ولكن يمكن أن تستخدم هذه الجيوش لمنع إيران من التقدّم إلى مناطق المعارضة.
بعد أن انتشرت الهيمنة الإيرانية في مناطق النظام بشكل متفاوتٍ، بين مدينة وأخرى، تبقى مناطق شرقي الفرات والشمال السوري في إدلب خاليةً من ذاك النفوذ، ووضعت أميركا وحلفاؤها هناك وجودا راسخاً لهم، إضافة إلى نقطة حدودية أقيمت أصلاً لتدريب قوات المعارضة، وتقديم المشورة لهم والسلاح أيضاً، تحوّلت تدريجياً إلى منطقة مراقبة للحدود، لمنع التحرّك الحر لإيران عبر الحدود العراقية والدخول إلى سورية ولبنان، وتؤمن هذه المنطقة التي تشكل دائرة نصف قطرها حوالي خمسين كيلومترا مجالاً حيوياً لمراقبة كل ما يجري على الحدود، وهو ما تعوّل عليه أميركا في سياسة المراقبة التي تريدها.
التنف بلدة صحراوية قاحلة، كانت الحكومة السورية تقيم فيها مركز أرصاد مناخية. وكانت هذه المحطة تسجل أقل معدل هطول مطري في القطر السوري كله، بما لا يتجاوز 50 ملمتراً في العام. أما القاعدة العسكرية الأميركية في التنف فتقع على بعد 25 كيلومتراً من نقطة الحدود المشتركة بين العراق والأردن وسورية، وتقطع طريقاً يصل الريف الدمشقي بالعراق عبر الضمير، وتبعد عن نقطة دخول الفرات في الأراضي العراقية حوالي 230 كيلومتراً، مع عدم وجود طرق نظامية في هذه المسافة، ويمتد ذراعٌ أمني طوله 50 كيلومتراً من هذه القاعدة، ليعزل مساحة تقدر بـ 2400 كيلومتر مربع، قرّرت الولايات المتحدة أن تحتفظ بهذه المساحة، وفيها بعض مقاتلي المعارضة الذين تقوم هذه القوات بتدريبهم والإشراف عليهم.
وبعد أن انتهت العمليات رسميا ضد تنظيم الدولة الإسلامية سيكون عمل القاعدة موجهاً للسيطرة التامة على الحدود السورية العراقية، وسيتم منع أي قوافل أو شحنات تشتبه القوات الأميركية باحتوائها على ما ينفع إيران أو سياساتها في سورية. وقد جرت بالفعل سابقاً احتكاكاتٌ عسكرية دامية بين أميركا ومن يمثل إيران في هذه القاعدة. ولكن ما تزال ترابط بالقرب منها قوات شبه عسكرية معروفة بمولاتها لإيران. وتعبيراً عن خيبة أمل إيران بقرار أميركا البقاء في سورية، طالبت، عبر اجتماع عسكري ثلاثي سوري إيراني عراقي، بخروج الولايات المتحدة وقواتها، ولكن أمر الانسحاب تم سحبه، وأصبحت إقامة العناصر الأميركية شبه دائمة، فالوجود في قاعدة التنف جزء أساسي من استراتيجية أميركية تؤمن قطعاً مربكاً للتواصل الإيراني السوري عبر العراق، وهذا يرشح الوجود الأميركي للتمدّد، وليس للانكماش.
بعد أن انتشرت الهيمنة الإيرانية في مناطق النظام بشكل متفاوتٍ، بين مدينة وأخرى، تبقى مناطق شرقي الفرات والشمال السوري في إدلب خاليةً من ذاك النفوذ، ووضعت أميركا وحلفاؤها هناك وجودا راسخاً لهم، إضافة إلى نقطة حدودية أقيمت أصلاً لتدريب قوات المعارضة، وتقديم المشورة لهم والسلاح أيضاً، تحوّلت تدريجياً إلى منطقة مراقبة للحدود، لمنع التحرّك الحر لإيران عبر الحدود العراقية والدخول إلى سورية ولبنان، وتؤمن هذه المنطقة التي تشكل دائرة نصف قطرها حوالي خمسين كيلومترا مجالاً حيوياً لمراقبة كل ما يجري على الحدود، وهو ما تعوّل عليه أميركا في سياسة المراقبة التي تريدها.
التنف بلدة صحراوية قاحلة، كانت الحكومة السورية تقيم فيها مركز أرصاد مناخية. وكانت هذه المحطة تسجل أقل معدل هطول مطري في القطر السوري كله، بما لا يتجاوز 50 ملمتراً في العام. أما القاعدة العسكرية الأميركية في التنف فتقع على بعد 25 كيلومتراً من نقطة الحدود المشتركة بين العراق والأردن وسورية، وتقطع طريقاً يصل الريف الدمشقي بالعراق عبر الضمير، وتبعد عن نقطة دخول الفرات في الأراضي العراقية حوالي 230 كيلومتراً، مع عدم وجود طرق نظامية في هذه المسافة، ويمتد ذراعٌ أمني طوله 50 كيلومتراً من هذه القاعدة، ليعزل مساحة تقدر بـ 2400 كيلومتر مربع، قرّرت الولايات المتحدة أن تحتفظ بهذه المساحة، وفيها بعض مقاتلي المعارضة الذين تقوم هذه القوات بتدريبهم والإشراف عليهم.
وبعد أن انتهت العمليات رسميا ضد تنظيم الدولة الإسلامية سيكون عمل القاعدة موجهاً للسيطرة التامة على الحدود السورية العراقية، وسيتم منع أي قوافل أو شحنات تشتبه القوات الأميركية باحتوائها على ما ينفع إيران أو سياساتها في سورية. وقد جرت بالفعل سابقاً احتكاكاتٌ عسكرية دامية بين أميركا ومن يمثل إيران في هذه القاعدة. ولكن ما تزال ترابط بالقرب منها قوات شبه عسكرية معروفة بمولاتها لإيران. وتعبيراً عن خيبة أمل إيران بقرار أميركا البقاء في سورية، طالبت، عبر اجتماع عسكري ثلاثي سوري إيراني عراقي، بخروج الولايات المتحدة وقواتها، ولكن أمر الانسحاب تم سحبه، وأصبحت إقامة العناصر الأميركية شبه دائمة، فالوجود في قاعدة التنف جزء أساسي من استراتيجية أميركية تؤمن قطعاً مربكاً للتواصل الإيراني السوري عبر العراق، وهذا يرشح الوجود الأميركي للتمدّد، وليس للانكماش.