تستعد الإمارات والاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ بنود "التعاون" في عدة مجالات بعد إعلان اتفاق تطبيع العلاقات، في خطوة قوبلت بانتقادات عربية واسعة.
والإمارات الغنية بالنفط، هي أول دولة خليجية وثالث دولة عربية تطبّع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل. إلا أن تتبع القطاعات التي ستشهد "تعاوناً" بين الطرفين، يظهر أن الاحتلال يقوم بتحويل الإمارات إلى سوق لمنتجاته، ويجعل من جيوب الإماراتيين وثرواتهم الطبيعية ماكينة دفع أموال لاستنهاض الاقتصاد الإسرائيلي المتعثر.
الأبحاث
حتى قبل الإعلان عن تطبيع العلاقات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في يونيو/ حزيران الماضي، عن "تعاون" مع الإمارات في مجال مكافحة وباء "كوفيد -19". وقد يشكل فيروس كورونا الجديد وسيلة لإطلاق أبحاث مشتركة.
ووقعت شركات إماراتية وإسرائيلية عقودا لتطوير الأبحاث من أجل التعاون والتوصل إلى فحص للكشف عن فيروس كورونا الجديد لا يكون مزعجاً ويمكن القيام به "في بضع دقائق".
وبعد الإعلان عن اتفاق التطبيع، الخميس، وقّعت شركتان إماراتية وإسرائيلية في أبوظبي عقدا آخر لتطوير أبحاث ودراسات خاصة بفيروس كورونا الجديد، للمرة الأولى علناً في العاصمة الإماراتية بحضور وسائل إعلام إسرائيلية.
وأفادت "القناة 12" الإسرائيلية، الأحد، بأنّ وزارة الاقتصاد قدرت أنّ الصادرات إلى الإمارات يمكن أن تصل إلى ما بين 300 و500 مليون دولار سنوياً. ومن المتوقع أن تصل استثمارات الإمارات في إسرائيل إلى 350 مليون دولار سنوياً.
التكنولوجيا والشركات الناشئة
يشكل قطاع التكنولوجيا المتقدمة لدى الاحتلال أكثر من 40% من صادراته، بحسب وزارة الاقتصاد. وفي الإمارات، تعتبر دبي خصوصاً إحدى أبرز المدن العربية والعالمية استقطاباً لهذه الشركات بفضل البيئة الحاضنة والدعم الحكومي لها.
وتشير تقارير إلى أنّ أكثر من 35% من الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتمركز في الإمارات وحدها.
في موازاة ذلك، تسعى الإمارات لأن تدعم العديد من المشاريع والاستثمار في هذا القطاع الرئيسي بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي.
وأظهر استطلاع للرأي، في مايو/ أيار، أنّ حوالي 65% من الشركات الإسرائيلية الصغيرة الناشئة في مجال التكنولوجيا الفائقة، تتوقع توقف أعمالها في الأشهر الستة المقبلة. ويمثل قطاع التكنولوجيا الفائقة 10% من مجموع الوظائف في إسرائيل. لكن الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل يمكن أن يلعب دوراً في قلب الأمور.
تقنيات الزراعة
صدرت إسرائيل في عام 2016 ما قيمته 9.1 مليارات دولار من منتجات التكنولوجيا الزراعية، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الزراعة الإسرائيلية.
وفي الإمارات، هناك توجه للتركيز على أسلوب الزراعة الذكية لتجاوز التحديات التي تواجه الزراعة في البلاد، ومنها الحرارة الشديدة وقلة الأراضي الزراعية بالإضافة إلى شح المياه.
وبدأت في السنوات الأخيرة تنتشر في دبي مزارع الفواكه والخضار وغيرها على نطاق واسع.
وبحسب كريستيان أولريشسن، الباحث في جامعة "رايس"، فإنّ التعاون في هذه المجالات سيسمح "بتسجيل عدد من النتائج العملية التي يمكنها أن تسهل في ما بعد توسيع نطاق التعاون في مجالات سياسية ودبلوماسية أكثر علانية".
ويواجه الاقتصاد الإسرائيلي "ركوداً حاداً"، حيث من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.2% هذا العام، وفقاً لأرقام رسمية، بينما قفزت البطالة من 3.4% في فبراير/ شباط، إلى 23.5% في مايو/ أيار.
تحلية المياه
تملك إسرائيل شركات عالمية في مجال تنقية المياه، من بينها "أي دي أيي" الرائدة في هذا المجال، والتي أقامت 400 محطة في أربعين دولة. من جهتها، تعتمد الإمارات، التي تعاني من شح في المياه ومن مناخ صحراوي، على تحلية مياه البحر لتوفير مياه صالحة للشرب.
وبحسب وسائل إعلام إماراتية، توجد في الوقت الحالي أكثر من 260 محطة تحلية في مختلف أنحاء الإمارات، كما أن كمية مياه التحلية المستخدمة في الإمارات تبلغ نحو 3.688 ملايين متر مكعب، على أن تصل إلى 5.806 ملايين متر مكعب عام 2025.
الأمن والمراقبة
حسب تقرير صادر عام 2016 عن منظمة "برايفيسي إنترناشونال" البريطانية غير الحكومية، فإن هناك 27 شركة إسرائيلية متخصصة في هذا المجال، مع 3.3 شركات لكل مليون شخص، مقابل 0.4 في الولايات المتحدة و 1.6 في بريطانيا.
وصممت شركة "أن أس أو" الإسرائيلية المعروفة برنامج "بيغاسوس" الشهير للاختراق. وفي الإمارات تقدم شركات عديدة خدمات في مجال الأمن والمراقبة وتحليل المعلومات، بينما تنتشر في البلاد التي لم تتعرّض قط لأي عمل "إرهابي" ملايين الكاميرات التي تراقب الشوارع والمراكز التجارية ضمن نظام يُعرف باسم "عين الصقر".
(العربي الجديد، فرانس برس)