نحاول في اليوم العالمي للمرأة أن ننظر بإيجابية إلى النقاط البيضاء التي استطاعت النساء أن تسجلها وتضيفها خلال عام انقضى من مسيرتها النضالية لتحصيل حقوقها، على الرغم من حجم الأذى، المباشر وغير المباشر، الذي يلحق بمجتمعاتنا العربية وبنسائها تحديدا.
ولا يسعنا إلا أن نرى الأمل في تغيير وتحسين أوضاع النساء في بلداننا، خصوصاً أن الحكومات تدرك تماماً أن حقوق المرأة فيها لم تعد شأناً داخلياً، وإنما صارت بفعل المواثيق الدولية والمعاهدات شأناً عاماً، يجعل أوضاع النساء على مرأى ومسمع العالم أجمع.
وإن كانت المعاهدات الدولية والقوانين الداخلية المتعلقة بقضايا المرأة الخاصة لا تطبق، إلا أن المنظمات المدنية النسائية والحقوقية، والمراقبين والإعلام كذلك، عملوا ويعملون على فضح الممارسات التي تنتهك حقوق المرأة، بدءاً من حرمانها من حقها في إبداء الرأي والمشاركة في القرار السياسي، تصويتاً وترشحاً، وحقوقها في التعليم والعمل والأحوال الشخصية من زواج وطلاق وإنجاب وحضانة... إلخ.
تتمكن السلطات من ستر وإخفاء أفعالها من قمع وتعذيب واعتقال وقتل وتهجير وسلب حقوق، ولكن اليوم عندما تغتصب امرأة في مراكز التحقيق، أو يزج بالنساء والفتيات في السجون بتهمة التظاهر، أو تساق الصغيرات نحو التطرف والعمليات الانتحارية، أو تقتل فتاة على يد شقيقها تحت عنوان"جرائم الشرف"، أو تحرم المرأة من حق منح الجنسية لأولادها، فهي قضايا لم يعد بالإمكان إخفاؤها وسترها.
صارت الأمية وتشغيل الأطفال وترك الناس يموتون عند أبواب المستشفيات وكل الانتهاكات على اختلافها، تجعل من سجلات تلك الدول على القوائم السوداء وفي أسفل جداول التنمية الاجتماعية وأعلى مراتب الفساد.
قوة المرأة العربية
وفي ظل الأحداث الجسيمة التي أصابت أجزاء واسعة من وطننا العربي، بدا جليا كأنّ قوة المرأة تظهر أكثر في المحن. فقد كشفت الحرب في سورية وجه المرأة السورية الحقيقي. عادة ما تسارع كاميرات الصحافيين إلى تصوير فجيعتهن وهن يودّعن أحبّاءهن. تعلق الصورة في أذهاننا وننسى أن المرأة السورية تحمي من بقي من عائلتها.. تعمل لإطعامهم، وتسهر على راحتهم، وفوق ذلك تشارك في التظاهرات وتعتقل وتعذّب. لا يختلف الأمر كثيراً في مصر، فقد شاركت المرأة في صناعة الثورة، وصرخت في وجه المتحرّشين بها. ولم تتوقف بعض السعوديات عن قيادة السيارات، متحديات "القوانين"، فهذه حقوقهن.
قد تبدو الصورة قاتمة، لكن الأمل في التغيير له مساحته في مجتمعاتنا. فقد تنال المرأة المزيد من الحقوق والمكاسب إذا أعطيت لها حقوق المواطَنة، المواطنة التي تنالها بالقانون الذي يحمي وجودها ويدعم مطالبها.
وإذا كان المجتمع الدولي قد توافق على جعل يوم المرأة لعام 2015 يوما للعدالة والكرامة، باختياره اللون البنفسجي لوناً رسمياً للمناسبة، لا يسعنا سوى المطالبة بتحقيق العدالة للنساء وحماية كرامتهن في كل بقاع الأرض.