رحّل مجلس الوزراء اللبناني إلى غد الأربعاء بتّ مشروع الموازنة العامة لسنة 2019، فيما أكدت مصادر لرويترز أن لبنان نجح في سداد سندات دولية بقيمة 650 مليون دولار بعدما قدّم "مصرف لبنان" (المركزي) التمويل لوزارة المالية للوفاء بهذا الدين.
والسداد الذي تم أمس الاثنين مهم في ضوء تنامي قلق السوق من أزمة بخصوص الموازنة قد تعرقل جمعه تمويلا جديدا، علماً أن الدين الذي حل أجله يوم الاثنين هو أحدث استحقاق، ويأتي قبيل إصدار حجمه 1.5 مليار دولار يستحق في نوفمبر/ تشرين الثاني، فيما كان من المتوقع أن يخدم لبنان دين مايو/ أيار عن طريق مناورة تمويل حكومية بمشاركة البنك المركزي.
وقال مصدر مطلع لرويترز إن الحكومة سددت سنداتها الدولية بنفس طريقة سداد شريحة الخمسمئة مليون دولار في إبريل/ نيسان، حيث قدّم البنك المركزي الدولارات اللازمة لوزارة المالية، المُصدر الأصلي للدين. وذكر مصدر ثان أن التمويل كان في شكل قرض تجسيري للمساعدة في سداد مستحقات البنوك المحلية، الحامل الرئيسي للدين.
وزير المالية علي حسن خليل قال اليوم الثلاثاء، إنه لا داعي لمزيد من التأخير أو الحديث بشأن مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2019، التي يُنظر إليها على أنها اختبار مهم لعزم الحكومة على الإصلاح، لكن وزير الخارجية جبران باسيل أشار إلى أن النقاش قد يتواصل، وقال للصحافيين: "الموازنة بتخلص بس تخلص".
وقد كرّر رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم الثلاثاء، دعوته للبنانيين إلى التضحية "بالقليل"، قائلا: "إذا أردنا المحافظة على كل الميزات من دون تضحية فسنخسرها كلها". وأضاف: "بتنا نشتري من الخارج ولا ننتج شيئا، فيما الإنتاج هو أساس الاقتصاد. وبالتالي ما قمنا به كان ضروريا، ولن يدرك المواطنون أهميته إلا بعد أن يلمسوا نتائجه الإيجابية قريبا".
رئيس الأبحاث لدى "بلوم إنفست بنك"، مروان مخائيل، قال إن المستثمرين سيرحبون بالجهود الإضافية في المسودة الجديدة الرامية لخفض العجز، مضيفاً أن "البعض سيدعي أنها ليست جيدة، لأنهم تأثروا سلبا بخفض الإنفاق أو زيادة الضرائب، لكن من المتوقع أن ينظر إليها المجتمع الدولي بشكل جيد".
ونقلت رويترز عن خبير الأسواق الناشئة لدى "كابيتال إيكونوميكس"، جيسون توفي، قوله: "ستمنح هذه الأرقام المستثمرين بعض الشعور بالراحة، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل".
وتقول الحكومة إن الموازنة ستخفض العجز إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 11.2% العام الماضي، في وقت ينوء لبنان تحت وطأة أحد أضخم أعباء الدين العام في العالم عند 150% من الناتج الإجمالي.
المقرّرات الرسمية لجلسة مجلس الوزراء
انتهت جلسة مجلس الوزراء عند السادسة مساء الثلاثاء، وتلا الوزير الجرّاح بعدها المقررات الرسمية التي تضمّنت طلب المجلس من كل الإدارات اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المؤسسات التي يستثمرها أجانب بشكل مخالف للقانون أو تلك التي تستعين بعمال أجانب لا يحوزون على إجازة عمل قانونية.
وشملت المقرّرات أيضاً:
- تكليف وزارتي المالية والخارجية والمغتربين إعداد مشروع مرسوم بزيادة الرسوم على الأعمال القنصلية في الخارج.
- تكليف وزارة الخارجية والمغتربين إعداد مشروع مرسوم يتعلق بتعديل الرسوم على تأشيرات الدخول إلى لبنان مع الأخذ في الاعتبار مبدأ المعاملة بالمثل.
- تكليف وزارة الخارجية والمغتربين إعداد مشروع مرسوم يتعلق بتنظيم قسم جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة وتعديل الرسوم عليها.
- تكليف وزارة الأشغال العامة والنقل رفع التعرفة على فتح صالون الشرف بحيث تصبح 500 ألف ليرة عن كل ساعة يفتح فيها الصالون لشخص واحد مع 100 ألف ليرة إضافية عن كل شخص مرافق يتجاوز عمره 18 عاما.
- الموافقة على طلب وزير الاقتصاد والتجارة المتعلق بفرض رسوم نوعية لحماية المنتجات الوطنية، وفقا لطلب وزير الصناعة وائل أبو فاعور والجدول المرفق بهذا الطلب.
ومن خارج الجدول، وافق المجلس على بعض القضايا الأُخرى.
الوزير الجراح قال: "أجرينا اليوم القراءة النهائية، وانتهينا من الأرقام والقوانين المرفقة بالموازنة. وغدا (الأربعاء)، عند الأولى والنصف سيلتئم مجلس الوزراء لإجراء قراءة نهائية لمشروع الموازنة، أي التعديلات والاضافات التي حصلت اليوم، وسيقوم وزير المالية بالعمل عليها تمهيدا لعرضها على مجلس الوزراء غدا على ان يلي الجلسة مؤتمر صحافي للرئيس الحريري والوزير خليل".
وزيرا الاقتصاد والصناعة
وبعد انتهاء الجلسة، تحدث وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش ووزير الصناعة وائل أبو فاعور إلى الصحافيين. وقال بطيش: "نود أن نعلم جميع الصناعيين وكل قطاعات الإنتاج في لبنان، أن كان هناك تعاون وثيق بين وزارة الصناعة وجمعية الصناعيين، وتفاهم مع جمعية التجار في بيروت، على إجراءات عدة، حماية للانتاج الوطني وتحفيزا للانتاج المحلي وتأمينا للتنافسية من دون أي احتكار. اتخذت إجراءات عدة بالأمس واليوم في مجلس الوزراء".
أضاف: "الإجراء الأول وضع رسوماً مقطوعة بنسبة 2 في المائة على كل المستوردات، بما يساهم في تحفيز الإنتاج الوطني، ما عدا الأدوية والسيارات الصديقة للبيئة وكل ما يستخدم من آلات وماكينات في الاقتصاد والإنتاج. وفي الوقت نفسه، هناك عشرون منتجا لبنانيا تقرر إعطاؤها حوافز جديدة من خلال دعمها بزيادة رسم على مثيلاتها المستوردة، من دون أن يؤثر ذلك على المستهلك اللبناني، وبما يؤمن إيرادات للخزينة ويساعد الإنتاج الوطني في أن يكون أكثر فعالية".
وتابع: "هدفنا زيادة الإنتاج وبناء اقتصاد منتج في لبنان وليس فقط المالية العامة، رغم أهميتها. واليوم وبمناسبة إقرار الموازنة، وقد أصبحنا في المراحل النهائية منها، فإننا ننظر الى مرحلة جديدة، وهي كيفية تحسين اقتصادنا في كل القطاعات. العمل كان وثيقا للغاية بين الوزير أبو فاعور وبيني، وإن شاء الله يبقى التعاون مستمرا لما فيه مصلحة البلد".
أما وزير الصناعة فقال: "أعتقد أن اليوم هو يوم أبيض للصناعة اللبنانية والإنتاج في لبنان. فقد اتخذ مجلس الوزراء قرارا استراتيجيا غير اعتيادي بفرض رسوم نوعية على بعض المنتجات أو بعض القطاعات حماية لبعض المنتجات أو القطاعات الصناعية اللبنانية. هذا الرسم النوعي سيساهم بشكل كبير في حماية الصناعة اللبنانية وتخفيف العجز بالميزان التجاري وإعادة استنهاض عدد كبير من الصناعات التي كادت أن تندثر".
أضاف: "القرار الذي صدر يشمل قطاعات الرخام والغرانيت، صناعة كرتون صواني البيض، البسكويت والويفر الذي كان سبق أن صدر قرار بمنع استيراده وأثبت عدم جدواه، قطاع النسيج والملبوسات الذي هو قطاع لبناني آيل للاندثار - لولا هذه الإجراءات التي نأمل أن تعيده إلى الحياة - قطاع ورق التخديد والتسليف، مواد التنظيف، البرغل والطحين، من دون المساس بسعر ربطة الخبز، أنابيب الحديد التي هي صناعة لبنانية مهمة جدا، الألومينيوم، الأدوات الصحية والمفروشات، فلبنان كان تاريخيا من أهم الدول المنتجة والمصدرة للمفروشات، أما اليوم فالسوق مستباحة بشكل كامل".
وشرح قائلاً: "على سبيل المثال، في طرابلس (شمال لبنان) فقط كان هناك 600 معمل مفروشات لم يبق منها سوى حوالى 10% والبقية أقفلت أبوابها وتوقفت عن الإنتاج. وكذلك، يشمل القرار الكورنفليكس والبرادات والمجمدات والأفران والغسالات، صناعة المحارم المعطرة والمأكولات المعلبة والورق الصحي، الأحذية والمصنوعات الجلدية ومستلزماتها، فهذا قطاع كبير جدا حيث كانت هناك معامل في لبنان تصنع وتصدر لكبرى الشركات. أما اليوم فقسم كبير من هذه المعامل إما أقفل وإما آيل للإقفال. كما يشمل القرار قطاع الألبان والأجبان البيضاء، صناديق الشاحنات، وهذه الصناعة مهمة جدا في لبنان أيضا".