06 أكتوبر 2024
بعد إدلب.. ماذا عن سوتشي؟
جحيم جديد في سورية يفتح أبوابه من الجهة الجنوبية لإدلب التي كانت تقع بالكامل تحت سيطرة قوى معارضة متعددة، بعضُها متشدد.
شعرت قوات النظام بالراحة بعد انخفاض حدة المعارك على جبهتي دير الزور والجنوب السوري، فسارعت إلى إشعال جبهتين جديدتين. الأولى قرب العاصمة دمشق والثانية في الشمال، وتحديداً في الريف الجنوبي والشرقي لمدينة إدلب. وهجوم النظام يعني مزيدا من القنابل العمياء، المتمثلة بالبراميل التي تهبط مترافقةً مع قصف عشوائي غزير، هذا الهجوم هو أحد جوانب الجحيم. والجانب الآخر هو انخفاض درجات الحرارة الشديد في شهر يناير/ كانون الثاني، والذي قد يكون تأثيره قاتلاً على سكان المنطقة، مع عدم وجود جدران أو أسقف، فقد طوّر جيش النظام عقلية عسكرية خلال سنوات الحرب السبع، في هجومه على المدن، وهي أن يبدأ القصف بشدة باتجاه أماكن الرعاية والتزود بالقوت والطعام، وسرعان ما تنهار المستشفيات والأسواق والمخابز، ليبدأ هجومه البرّي مستولياً على الأرض التي أحرقها للتو، وهي بالطبع خالية من الأحياء.
في الهجوم على إدلب، أخيرا، يستخدم النظام خطته التي لطالما اتبعها لفصل قطاع صغير من الأرض ومحاصرته، ثم التركيز عليه واحتلاله قبل الهجوم على القطاع التالي. ويبدو مجمع أبو الظهور الهدف العسكري الأول من الهجوم الحالي. وقد حالفَ الحظُّ النظام، في هذه المرحلة، فترافق تقدمه مع ظهور جديد لتنظيم الدولة الإسلامية الذي أصبح يتقدّم بالتوازي معه، فاستولى على مجموعة قرى، مثل جب الصفا وقصر بن وردان، وهي هدية قيمة، من الواضح أن قوات النظام تقبلتها شاكرة، وشُكرها يتلخص بتوجيه نيرانها نحو ما تبقى من المدنيين هناك، فيما يتحرّك تنظيم الدولة الإسلامية بما يشبه الدهم نحو الأمام من دون مقاومة.
لم يصدر عن أي جهة دولية ردة فعل حيال ما يجري، وكأن الأمر متفق عليه، فلم تظهر على السطح إلا بضع صرخاتٍ خافتة، تذكّر بالوضع الإنساني للمنطقة، بعد الهجوم الغاشم عليها، إلى أن أبدى الجانب التركي بعض الحدّة، فاستدعى سفراء روسيا وإيران وهدّد باتخاذ موقف مختلف من مؤتمر سوتشي.
بعد اجتماعات متعدّدة، عقدت السنة الماضية، بين روسيا وتركيا وإيران، وهي الدول التي بيدها مفاتيح التحرّك السوري. وبعد ظهور ملامح الحل التي بدأت تحت عناوين متعدّدة لسوتشي، أَدخَلت هذه الدول إدلب في عداد المناطق ذات التوتر المنخفض، بما يعني أن تبقى خطوط التماس فيها على ما هي عليه، مع قبول حدوث مناوشاتٍ من دون أن يتقدّم أي طرف على الأرض باتجاه الطرف الآخر، وقد قامت تركيا بتحركات عسكرية في المنطقة لرصد خطوط التماس، ومراقبة حركة النار بالاتجاهين. ولكن ما إن انتهى جيش النظام من معركة دير الزور، وودّع بشار الأسد فلاديمير بوتين في قاعدة حميميم، حتى بدأ الهجوم باتجاه إدلب، في خرقٍ واضح لاتفاق خفض التوتر، وكأن النظام وكل حلفائه يرغبون بالذهاب إلى سوتشي بوفدٍ عريضٍ يمثل النظام فقط، من كل وجوهه، بعد أن يتمكن من كتم الأصوات العسكرية المعارضة، وخصوصا في إدلب، وهي المعارضة التي يصفها الجانب الروسي بالمتطرّفة.
مطار أبو الظهور محطة عسكرية وسياسية مهمة، فأمام النظام استحقاقان، أحدهما في جنيف، وهي المحطة الأسهل التي إن عقدت سيستطيع رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، كالعادة، تجاوزها من دون خسائر. والمحطة التالية هي سوتشي التي تبدو أيضاً يسيرة على النظام الذي سيلعب في أرضه وبين جمهوره، وإذا نجح في تشغيل مدرجات مطار أبو الظهور قبل افتتاح جلسات سوتشي، يكون قد حقق المطلوب. أما الجانب الإنساني الكارثي وهو ما يترافق عادة مع حملات النظام، فالجميع أصبحوا خبراء في التعامل معه، ويمكنهم ابتلاعه بصم الآذان وغض البصر عن مصير مليوني إنسان آخرين.
شعرت قوات النظام بالراحة بعد انخفاض حدة المعارك على جبهتي دير الزور والجنوب السوري، فسارعت إلى إشعال جبهتين جديدتين. الأولى قرب العاصمة دمشق والثانية في الشمال، وتحديداً في الريف الجنوبي والشرقي لمدينة إدلب. وهجوم النظام يعني مزيدا من القنابل العمياء، المتمثلة بالبراميل التي تهبط مترافقةً مع قصف عشوائي غزير، هذا الهجوم هو أحد جوانب الجحيم. والجانب الآخر هو انخفاض درجات الحرارة الشديد في شهر يناير/ كانون الثاني، والذي قد يكون تأثيره قاتلاً على سكان المنطقة، مع عدم وجود جدران أو أسقف، فقد طوّر جيش النظام عقلية عسكرية خلال سنوات الحرب السبع، في هجومه على المدن، وهي أن يبدأ القصف بشدة باتجاه أماكن الرعاية والتزود بالقوت والطعام، وسرعان ما تنهار المستشفيات والأسواق والمخابز، ليبدأ هجومه البرّي مستولياً على الأرض التي أحرقها للتو، وهي بالطبع خالية من الأحياء.
في الهجوم على إدلب، أخيرا، يستخدم النظام خطته التي لطالما اتبعها لفصل قطاع صغير من الأرض ومحاصرته، ثم التركيز عليه واحتلاله قبل الهجوم على القطاع التالي. ويبدو مجمع أبو الظهور الهدف العسكري الأول من الهجوم الحالي. وقد حالفَ الحظُّ النظام، في هذه المرحلة، فترافق تقدمه مع ظهور جديد لتنظيم الدولة الإسلامية الذي أصبح يتقدّم بالتوازي معه، فاستولى على مجموعة قرى، مثل جب الصفا وقصر بن وردان، وهي هدية قيمة، من الواضح أن قوات النظام تقبلتها شاكرة، وشُكرها يتلخص بتوجيه نيرانها نحو ما تبقى من المدنيين هناك، فيما يتحرّك تنظيم الدولة الإسلامية بما يشبه الدهم نحو الأمام من دون مقاومة.
لم يصدر عن أي جهة دولية ردة فعل حيال ما يجري، وكأن الأمر متفق عليه، فلم تظهر على السطح إلا بضع صرخاتٍ خافتة، تذكّر بالوضع الإنساني للمنطقة، بعد الهجوم الغاشم عليها، إلى أن أبدى الجانب التركي بعض الحدّة، فاستدعى سفراء روسيا وإيران وهدّد باتخاذ موقف مختلف من مؤتمر سوتشي.
بعد اجتماعات متعدّدة، عقدت السنة الماضية، بين روسيا وتركيا وإيران، وهي الدول التي بيدها مفاتيح التحرّك السوري. وبعد ظهور ملامح الحل التي بدأت تحت عناوين متعدّدة لسوتشي، أَدخَلت هذه الدول إدلب في عداد المناطق ذات التوتر المنخفض، بما يعني أن تبقى خطوط التماس فيها على ما هي عليه، مع قبول حدوث مناوشاتٍ من دون أن يتقدّم أي طرف على الأرض باتجاه الطرف الآخر، وقد قامت تركيا بتحركات عسكرية في المنطقة لرصد خطوط التماس، ومراقبة حركة النار بالاتجاهين. ولكن ما إن انتهى جيش النظام من معركة دير الزور، وودّع بشار الأسد فلاديمير بوتين في قاعدة حميميم، حتى بدأ الهجوم باتجاه إدلب، في خرقٍ واضح لاتفاق خفض التوتر، وكأن النظام وكل حلفائه يرغبون بالذهاب إلى سوتشي بوفدٍ عريضٍ يمثل النظام فقط، من كل وجوهه، بعد أن يتمكن من كتم الأصوات العسكرية المعارضة، وخصوصا في إدلب، وهي المعارضة التي يصفها الجانب الروسي بالمتطرّفة.
مطار أبو الظهور محطة عسكرية وسياسية مهمة، فأمام النظام استحقاقان، أحدهما في جنيف، وهي المحطة الأسهل التي إن عقدت سيستطيع رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، كالعادة، تجاوزها من دون خسائر. والمحطة التالية هي سوتشي التي تبدو أيضاً يسيرة على النظام الذي سيلعب في أرضه وبين جمهوره، وإذا نجح في تشغيل مدرجات مطار أبو الظهور قبل افتتاح جلسات سوتشي، يكون قد حقق المطلوب. أما الجانب الإنساني الكارثي وهو ما يترافق عادة مع حملات النظام، فالجميع أصبحوا خبراء في التعامل معه، ويمكنهم ابتلاعه بصم الآذان وغض البصر عن مصير مليوني إنسان آخرين.