تظاهر عشرات الآلاف في أنحاء فرنسا، اليوم السبت، في مسيرة دعت إليها قوى اليسار ونشطاء البيئة والنقابات العمالية والطلاب، ضد اليمين المتطرف، لتكون أكبر تظاهرة معارضة في فرنسا، بعد عام ونصف من أزمة صحية حدّت بشدة من حرية التظاهر بسبب إجراءات الحجر والقواعد الصحية التي فرضتها السلطات.
وخرجت التظاهرات، التي أطلق عليها اسم "مسير الحريات ضد أفكار اليمين المتطرف" في حوالى 140 مدينة في فرنسا، ندد المشاركون فيها بـ"الاعتداءات على الحريات" التي تتزايد، وفقاً لهم، بسبب الصعود المتواصل لليمين المتطرف. وقال المنظمون إنهم أحصوا 130 ألفاً في فرنسا، 90 ألفاً في باريس وحدها. في حين قالت الشرطة إن أعداد المتظاهرين بلغت 35 ألفاً في عموم فرنسا، و9 آلاف في باريس.
وبدأت التظاهرات في الساعة 10:30 صباحاً في مونبلييه ومدينة نانسي، وفي الساعة 11 صباحاً في نانت وبوردو. أما في باريس، فانطلق الموكب من ساحة كليشي عند الثانية بعد الظهر، يتقدمه سياسيون ونواب وبرلمانيون، على رأسهم المرشح الرئاسي، زعيم حزب "فرنسا غير الخاضعة" جان لوك ميلانشون، والمرشح الرئاسي السابق بنوا هامون، ورئيس "الاتحاد العام للعمل" فيليب مارتنيز.
تقدم الموكب مجسم كبير للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يحمل في إحدى يديه صورة زعيمة "التجمع الوطني" اليميني المتطرف مارين لوبان، في محاولة للإشارة إلى تشابه خطاب الشخصين
ومن نقطة الانطلاق في باريس، قال هامون "إنها نقطة الانطلاق (لمواجهة اليمين المتطرف)، كما آمل، ليس فقط في تعبئة ضد تنظيمات اليمين المتطرف، بل ضد أفكار اليمين المتطرف"، معتبراً أنها "لم تعد حكراً على أحزاب اليمين المتطرف، بل انتشرت على نطاق واسع في الطبقة السياسية". وبينما غاب رئيس "الحزب الاشتراكي" أوليفييه فور عن مسير باريس، إلا أنه حضر في تظاهرة مدينة أفينون.
وفي مشهد بدا وكأنه كرنفال ضخم، نزلت فرق موسيقية عزفت للمتظاهرين، وقدمت عروضاً حية على شاحنات عملاقة، أو وسط المتظاهرين، الأمر الذي دفع عدداً كبيراً من المارة ورواد المقاهي والمطاعم إلى الانضمام إلى المسير في باريس، في حين تقدم الموكب مجسم كبير للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يحمل في إحدى يديه صورة زعيمة "التجمع الوطني" اليميني المتطرف مارين لوبان، في محاولة للإشارة إلى تشابه خطاب الشخصين.
وفوق إحدى محطات المترو، كان يقف المتظاهر جاك غيوم، حاملاً لافتة جذبت كل وسائل الإعلام لتلتقط صوراً لها، كتب عليها "دارمانان (وزير الداخلية جيرالد دارمانان) يجد أن (مارين) لوبان متراخية. حزب الجمهورية إلى الإمام (حزب ماكرون) يساوي حزب التجمع الوطني ويساوي الفوضى".
وقال، لـ"العربي الجديد"، "أنا هنا اليوم لأقول لا لليمين المتطرف، لا لماكرون، ولا للفوضى التي تسببوا فيها". وأضاف مكرراً هتافات المتظاهرين "نحن هنا، حتى لو لم يرغب ماكرون ولوبان في ذلك".
النائب عن حزب "فرنسا غير الخاضعة" إريك كوكريل، قال، في تصريحات مقتضبة للصحافيين "التنوع الكبير الذي نشهده في هذه التظاهرة يثير إعجابي (..) لم نكن نتوقع كل هذا الحشد، هذا يظهر أن هناك قلقاً من الاستبداد الذي تمارسه السلطة، وضغطا أيديولوجيا وانتخابيا من اليمين المتطرف يؤثر على الجميع".
وعلى الرغم من التنوع الذي يبني نائب "فرنسا غير الخاضعة" أملاً عليه، إلا أن المشهد أعقد بكثير، فتظاهرة الشرطة التي شاركت فيها قوى يسارية مثل "الحزب الاشتراكي" وحزب "الخضر"، في 19 مايو/أيار الماضي، ما تزال تثير نقاشاً محتدماً في صفوف قوى اليسار، بعد الدعم الذي أعلنه اليمين المتطرف لها، فكانت صور السياسيين الاشتراكيين مثل عمدة مدينة باريس آن هيدالغو، وزعيم حزب "الخضر" يانيك جادوت، إلى جانب رموز اليمين المتطرف في فرنسا، محل انتقاد واسع.