حدّد الرئيس اللبناني ميشال عون موعداً لرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري لزيارته الى قصر بعبدا الجمهوري بعد ظهر اليوم الخميس.
وأشار بيان صادر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية إلى أن "الرئاسة الأولى تعوّل على الحسّ بالمسؤولية الوطنية لدى الحريري، فيأتي حاملاً تصوراً لتشكيل حكومة تراعي مقتضيات التوازن والميثاقية والاختصاص مستخلصاً بذلك عبر أشهر التكليف الخمسة".
وتأتي هذه الزيارة بعد كلمة الرئيس عون مساء أمس الأربعاء التي كانت موجهة إلى اللبنانيين، قبل أن يتبيَّن أنها رسالة مباشرة بنبرة التحدّي إلى الحريري، لدعوته إلى قصر بعبدا، ووضعه أمام خيارَين، إما التأليف الفوري أو الاعتذار، فجاء الردّ سريعاً عبر بيان صادر عن الرئيس المكلف، ردّ فيه الكرة إلى ملعب رئيس الجمهورية بالتوقيع أو إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة وهي بمعنى آخر "الاستقالة".
ولا تزال الأجواء جدّ ضبابية، في ظلّ التكتّم الكبير في أوساط الطرفين حول النتائج التي سيخرج بها اللقاء السابع عشر اليوم، ويؤكد مصدر قيادي في "تيار المستقبل" التابع للحريري أنّ الأخير لن يتراجع ولن يعتذر، والمعادلة أصبحت واضحة، إما الاستقالة معاً، أو تأليف الحكومة وبدء المشوار الإصلاحي الحقيقي، بالدعم الدولي المطلوب والذي عمل عليه الحريري في جولاته الخارجية.
أما أوساط رئيس الجمهورية، فأكدت لـ"العربي الجديد"، أنّ الرئيس عون منفتح على كلّ الحلول والطروحات التي تحترم الميثاقية والدستور ولا تمسّ صلاحيات الرئاسة الأولى، وهو لا يمانع تشكيل حكومة من 18 وزيراً، ولكن شرط أن تراعي التوازن المطلوب، نافيةً من جديد تمسّك عون بالثلث المعطل.
وتنشط الضغوط الدولية على لبنان لتشكيل حكومة سريعاً في ظلّ الانهيار الحاصل على كلّ المستويات ومخاطره الكارثية على الشعب اللبناني، وقد برزت في تصريحات مسؤولين أميركيين وفرنسيين وبريطانيين، وبالتزامن مع عودة الحديث عن فرض باريس عقوبات على شخصيات سياسية في لبنان لزيادة الضغط على قادة البلاد الذين "لم يبذلوا بعد أي جهد لإنقاذ الوطن".
ويشير الكاتب والمحلل السياسي داود رمال في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّه عندما تصل لغة التخاطب بين المسؤولين لهذه المرحلة، فهذا يعني أننا وصلنا إلى خط لا رجعة فيه، إما الفراق أو اللقاء، لافتاً إلى أن المساعي التي أعقبت كلمة الرئيس ميشال عون وردّ الرئيس المكلّف استمرّت طوال الليل ولا تزال مستمرّة إلى حين الموعد المحدّد، وهي تهدف إلى تحويل اللقاء من أن يكون فراقاً إلى لقاء ينتج إيجابيات، خصوصاً بعد تحديد نقاط الخلاف التي باتت معلومة للجميع.
ويؤكد رمال أن هناك ضغطاً دولياً غير مسبوق يمارس على الطبقة السياسية في لبنان، وضغطاً دبلوماسياً من قبل سفراء غربيين وسفراء بعض الدول العربية لدفع السياسيين باتجاه تشكيل الحكومة، ويبدو أن الضغط وضع سقفاً زمنياً أمام الطبقة الحاكمة للتأليف، وإلا ستبحث خيارات أخرى على رأسها فرض العقوبات، وهو أقسى سلاح يمكن أن يؤلم الطبقة السياسية في لبنان لأنها أولاً ستكون بالشراكة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، عندها لا يمكن لها أن تحرك أي دولار واحد، كما أن مصيرها السياسي يصبح أيضاً معلقاً على العقوبات.
وتبعاً لهذه الوقائع، ينحو رمال إلى التفاؤل بلقاء اليوم، خصوصاً أنه كان محدداً صباحاً لكن تم تأجيله إلى بعد الظهر لوجود وساطات ومشاورات مكثفة قبل حلول الموعد علّه ينضج شيئاً ما يكون ركيزة تمهّد لولادة الحكومة.
من جهة ثانية، لا تزال بعض الطرقات في لبنان مقفلة وخصوصاً شمالاً، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية واستمرار سعر صرف الدولار في السوق السوداء بتسجيل أرقام باتت مؤلمة جداً على الشعب الذي انعدمت القدرة الشرائية لديه.