في محاولة للحد من التأثير السلبي لفكرة الوزن الزائد لدى الأطفال، قام باحثون في جامعة باث البريطانية، وبالتعاون مع الجمعية البريطانية للتغذية ومجموعة من أخصائيي السمنة وطب الأطفال، بوضع قائمة إرشادات تساعد في خلق بيئة للتواصل بين الأطفال والأهل حول زيادة الوزن والأكل الصحي.
يُعرَّف الوزن الزائد على أنه تراكم غير طبيعي أو مفرط للدهون يمثل خطراً على الصحة، فيما سمنة الأطفال مرض لابد من علاجه. لذا يحاول العديد من الباحثين التركيز على أهمية مواجهة المشكلة، بعد ارتفاع أعداد الأطفال المصابين بالسمنة.
وتشير بيانات our world in data، إلى أن 13 في المائة من البالغين حول العالم يعانون من أحد أشكال السمنة، فيما يعاني نحو 39 في المائة من زيادة الوزن، في حين تزداد النسب بالنسبة للأطفال، إذ يعاني واحد من كل خمسة أطفال ومراهقين من زيادة مفرطة في الوزن، وتعد السمنة أحد أبرز عوامل الوفاة المبكرة.
ويتضمن جدول الإرشادات سلسلة من الأفكار التي تساعد الأطفال على فهم التحديات التي تواجههم بسبب السمنة، إذ ينبغي التحدث معهم بإيجابية عن أهمية الطعام الصحي والنشاط البدني، ما يساعدهم في بناء ثقافة جديدة تدعم مواجهة السمنة. وينصح الباحثون بأهمية التحدث مع الأطفال حول الموضوع في المرحلة العمرية من 4 إلى 11 سنة، فخلال هذا العمر يكون الأطفال على استعداد لتقبل الإرشادات، وبناء نمط حياة صحي.
ويجب أن يكون الحديث بين الأهل والأطفال صريحاً وواضحاً، لأن ذلك يساعد في بناء الثقة لدى الأطفال، كما أنه من المهم التركيز على أهمية التمارين الرياضية مع تناول الطعام الصحي، وعدم الحديث عن وزن الآخرين أمام الأطفال، لأن هذا يمكن أن يجعلهم يعتقدون أنه سيحكم عليهم بنفس الطريقة، وتشمل الإرشادات اشتراك البالغين مع الأطفال في اختيار نمط الحياة، حتى يشعر الطفل بمزيد من المشاركة العملية.
لا شك أن موضوع زيادة الوزن بات له حساسية في عالم اليوم، خاصة بالنسبة للأطفال والمراهقين، واستخدامه كأداة للتنمر على الأطفال قد يكون له نتائج سلبية على الصحة النفسية. في حين أن وسائل التواصل الاجتماعي التي تضم الكثير من المنشورات حول النحافة، تلعب أيضاً دوراً في بناء ثقافة غير سليمة، وضارة أحياناً. وتؤكد أكاديمية التغذية الأميركية أن "اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع زيادة الوزن فيما يخص الشباب والمراهقين، وحتى الأطفال، يحتاج إلى عناية فائقة".
بدورها، تؤكد أخصائية التغذية، رانيا الحاج، على أهمية الحوار حول زيادة الوزن بين الأطفال والأهل، وترى أن هناك العديد من الثقافات الخاطئة لدى الأهل التي يتم نقلها إلى الأطفال حول ارتباط الوزن بالصحة، والتي تؤثر على شكل أجسامهم، وعلى صحتهم النفسية أيضاً.
تضيف الحاج لـ "العربي الجديد": "يحتاج العديد من العائلات إلى التوعية حول أهمية الطعام، والكميات التي يتناولها الأطفال والمراهقين، مع عدم حرمانهم من الأطعمة المضرة نسبياً، لأن الحرمان قد يخلق لدى الأطفال شراهة تجاه تلك الأصناف في المستقبل. لابد أن يكون هناك توازن بين نوعية الطعام وكميته، مع أهمية ممارسة الأنشطة الرياضية، وتعميم مفهوم الصحة الإيجابية".
ووفق أخصائية التغذية، فإن أولى الخطوات تتعلق بالتشجيع على الحوار، وتقديم شروحات بسيطة حول أهمية تناول الأطعمة الصحية، كالفاكهة والخضروات، والابتعاد عن الأطعمة التي تحتوي على الكثير من السكريات، وترى أنه "من الضروري مشاركة الأطفال في إعداد الوجبات، إذ إن المساعدة في طهي الطعام تساعد أيضاً في بناء الثقافة حول الصحة العامة، ومن المهم أن لا يتم التعامل مع الوزن الزائد بأسلوب يؤدي إلى إحراج الطفل، أو يتسبب في التنمر عليه، لأن ذلك ستكون له انعكاسات سلبية على شخصيته في المستقبل. المهم هو ربط الطعام بالصحة، والابتعاد عن فكرة التنمر أو التذمر من شكل الطفل".
ومن الضروري الانتباه إلى خطورة العبارات السيئة التي يطلقها الأهل على الأطفال، وهناك دائماً أشياء يمكن القيام بها لتعزيز احترام الطفل لذاته، كما أن مدح الأطفال جزء مهم في تشجيعهم على اتباع نمط حياة صحي، وتقليل أوزانهم، بحسب شبكة مستشفيات سيدني للأطفال.
وتؤكد أخصائية التغذية رانيا الحاج، أن "الأهل يمثلون قدوة للأطفال، وبالتالي إن كان الأهل يمارسون الرياضة، ويتبعون نظاماً غذائياً صحياً، فإن الأطفال سيسعون إلى ممارسة نفس العادات، ولا يمكن للأهل نهي أطفالهم عن تناول الحلويات واستبدالها بالفاكهة، فيما هم أنفسهم غير ملتزمين بذلك، فالأطفال في النهاية صورة للأهل".