إياد علاوي

الموجة الثالثة من ثورة تشرين العراقية آتية لا ريب فيها، وبقوة أشد وزخم أكبر ومشاركة أوسع قد تتعدى مئات الألوف. وما التظاهرات في الاحتفالية الرمزية في ساحة التحرير ببغداد، والساحات الأخرى في مدن العراق، سوى تمارين تسبق اليوم الموعود.

العمل الحزبي في العراق أصيب بمقتل، ليس فقط بسبب هيمنة الأحزاب الدينية، وما توفره من خطابات عاطفية تدغدغ بها مشاعر البسطاء، وإنّما أيضاً لغياب أيّ قانونٍ فعلي لتنظيم العمل الحزبي، ناهيك طبعاً عن غياب قدرة الحكومات المتعاقبة على تطبيق أيّ قانونٍ.

شهدت الانتخابات العراقية التي أعقبت انتخابات 2010 عزوفا شعبيا، فقد بلغت نسبة المشاركة في انتخابات 2018 نحو 17%، في إشارة واضحة إلى أن المواطن العراقي فقد الثقة بصناديق الاقتراع، وبات أكثر وعيا بأن الانتخابات عملية لتدوير وجوه العملية السياسية.

في "عراق دولة المليشيات" اليوم، 250 حزباً سياسياً، فيما الولايات المتحدة، بعظمتها، فيها ثلاثة أحزاب! وفي العراق اليوم 83 مليشيا مسلحة، هي التهديد الحقيقي لأمن العراق وسلامته واستقلاله وسيادته. وأكثر من نصفها تدين بالولاء لإيران.

يثير الزعيم العراقي، مقتدى الصدر، حيرة كثيرين بتقلباته التي لا حدود لها، فتارة يدعو إلى حل الأحزاب، ومقاطعة البرلمان، وتارة يدعو الناس إلى المشاركة في الانتخابات. اعتزل السياسة أكثر من مرة، لكنه عاد إليها في كل مرة.

من أهم أسلحة بناء الدول وجود جهاز قضائي مستقل، وهو ما افتقده العراق منذ 2003، بل تحوّل الجهاز القضائي إلى واحد من أسلحة تهديم ما بقي من الدولة العراقية التي أُسقطَت عقب الغزو الأميركي، واستُبيحَت بنحو لم يسبق له مثيل.

فجع العراق، في العاشر من يناير الحالي، باغتيال الإعلامي أحمد عبد الصمد، المسمّى أيقونة ثورة البصرة، مع زميله المصور صفاء غالي، بمسدسات كاتمة للصوت، بعد ساعتين من تغطيته المتميزة التظاهرات المليونية التي شهدها العراق، فمن فعل ذلك؟